المنهج المقترح لدراسة النحو
بسم
الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما
بعد :
فقد
سألني بعض إخواني سؤالاً نصه : كيف يتدرج طالب العلم المبتدئ في دراسة علم النحو
دراسة منهجية ...؟
فأعددت
هذه الرسالة الموجزة إجابة لسؤاله وإليك نصها :
اعلم
رحمني الله وإياك وبلغك غايات مناك مما اختاره لك وعلم فيه سعادتك وهداك أن النحو
علوم شتى ومعارف تترى لا يلم بها أحد كلها وإن حاول ذلك وجاهده وغالبه وطلبه وتلهف
عليه وقد كتب في النحو عدد لا يحصى إلا بكلفة وعسير مشقة من القدماء والمحدثين وإنما
كان مدار سؤالك حفظك الله وأسه هو الاختيار لك من بين ذلك كله ما يناسبك وتنتفع به
وإني إذ رأيت منك ذلك وتأملته رغبت في تقسيم علوم النحو تقسيماً يعينك على تفهمه
وإليك ذلك التقسيم :
القسم
الأول : علم النحو القياسي الاصطلاحي .
القسم
الثاني : علم أصول النحو .
القسم
الثالث : علم جدل النحو .
القسم
الرابع : إعراب القرآن الكريم و كتب الخلاف والمشكلات والنكت والمفردات .
القسم الأول : علم
النحو القياسي الاصطلاحي
ودراسة
النحو القياسي الاصطلاحي تتكون من أربع مراحل :
المرحلة
الأولى : وهي عبارة عن قطع دراسة كتابين مختصرين من كتب المقدمات النحوية
والاختيار واقع على كتاب (( النحو الواضح في قواعد اللغة )) لعلي الجارم ومصطفى
أمين ، والكتاب الثاني ( المقدمة الآجرومية ) لابن آجروم مع شرحها المسمى ( التحفة
السنية ) لمحمد محيي الدين عبد الحميد .
والكتاب
الأول هو أيسر كتب الفن فيما نعلم وهو واقع في مجلدين كما في طبعته الشرعية
الوحيدة طبعة دار قباء المصرية . ومن عيوبه : كثرة التمرينات والاستطراد في
الأسئلة والتدريبات مما يمل قلوب من أشرب فهم القاعدة من الطلبة النابهين .
والكتاب لا يفتقر إلى شرح أصلاً فإن لم يفهمه الطالب فعليه بشيخ أو طالب متقدم .
وأما
المقدمة الآجرومية فإنها مفيدة جداً وانتقد المحققون منها حروفاً يسيرة مسطورة في
الشروح وكذلك شرحها ( التحفة السنية ) فيه أوهام وأغلاط انتقدها وصححها صاحب (
الحلل الذهبية ) فينصح بتعلقته هذه التي زكاها العلامة مقبل بن هادي رحمه الله .
أما
الحواشي على الآجرومية فلا ينصح بها فإن فيها توسيعاً للمتن وتعدياً على المرحلة
وبسطاً لمدة تلك الدراسة .
وكذلك
لا ينصح بحفظ شيء من المتون في تلك المرحلة غير متن الآجرومية دون نظمها فمن شاء
أن يحفظ نظماً فليحفظ نظم ( الشبراوية ) وهو واحد وخمسون بيتاً وهو على صغره مفيد
جداً وللشيخ حافظ الحكمي زيادات عليه .
يدرس
الطالب ذلك كله على شيخ ماهر معروف بالعلم فإن لم يجد فالاستماع إلى شرح الشيخ
العثيمين نافع جداً .
المرحلة
الثانية :
وفيها
يدرس الطالب ثلاثة كتب :
الأول
:شرح ابن هشام على مقدمته ( قطر الندى وبل الصدى ) وعليه شرح محمد محيي الدين عبد
الحميد وهذا الكتاب من أروع ما ألف في حسن التنسيق وروعة الاحتراز وسهولة العبارة
.ومن عيبوبه أنه غير مستوعب لبعض الأبواب النحوية .
الثاني
:شرح ابن هشام على الألفية المسمى ( أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ) وهو كتاب
ذو استيفاء وحسن تخريج وجزالة التدليل .
الثالث
:الإعراب عن قواعد الإعراب مع شرح الشيخ خالد الأزهري عليه .فهو مقدمة نافعة في
التعرف على أحرف المعاني . وكذلك مختصر مغني اللبيب للشيخ العثيمين .
هذا
يدرسه الطالب بجانب النظر في شرح ابن هشام على شذور الذهب وشرح ابن عقيل على
الألفية وكتاب النحو الوافي للأستاذ عباس حسن .
المرحلة
الثالثة : وفيها يدرس الطالب ثلاثة كتب :
الأول
:شرح الأشموني على الألفية مع حاشية الصبان عليه .
الثاني
: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام الأنصاري .هذا مع النظر في كتاب ( الجني
الجاني في حروف المعاني ) لابن أم قاسم فإنه بالغ الغاية .
الثالث
: شرح الرضي على كافية ابن الحاجب فإنه نافع جداً وقال بعضهم إن الرضي رافضي لقوله
إن العدل في عمر غير حقيقي فليتنبه !
المرحلة
الرابعة :
وفيها
يدرس الطالب كتابين ثم ينطلق قارئاً ما شاء من الأجزاء المفردة والكتب الموسعة :
الأول
:شرح ابن يعيش على المفصل .
الثاني
: شرح السيرافي على كتاب سيبويه فإنه المنتهى .
القسم الثاني : علم أصول النحو
ويدرسه
الطالب بعد إنهاء المرحلة الثانية من القسم الأول حتى يكون قد استوعب النحو
الاصطلاحي أولاً وهو مرحلتان :
المرحلة
الأولي : وفيها يقطع الطالب دراسة كتابين :
الأول
: كتاب إحياء النحو .
الثاني
: كتاب الاقتراح للسيوطي مع شرح الفاسي له المسمى ( نشر فيض الانشراح ) .
المرحلة
الثانية : وهي عبارة عن ثلاثة كتب :
الأول
: الصاحبي لابن فارس .
الثاني
: الأصول لابن السراج .
الثالث
: الخصائص لابن جني .
ومع
ذلك كتاب ( لمع الأدلة ) وكتاب ( أسرار العربية ) كلاهما لابن الأنباري .
القسم
الثالث : جدل النحو
ويدرسه
فيه الطالب كتاب ( الإغراب عن جدل الإعراب ) لابن الأنباري وسيكون أغلبه معروفاً
لدى الطالب .
القسم
الرابع :
وهو
ثلاثة فروع :
الفرع
الأول : كتب إعراب القرآن
يدرس
فيها الطالب كتب أبي البقاء العكبري أولاً ثم ينظر في تفسير الزمخشري ثم البحر
المحيط لأبي حيان هذا بعد التحصن التام بالعقيدة الصحيحة ورسوخها في القلب .
ثم
يطالع ما شاء من كتب إعراب القرآن .
الفرع
الثاني : كتب الخلاف والمشكلات :
يدرس
الطالب فيها كتاب ( الإنصاف في مسائل الخلاف ) لابن الأنباري .
الفرع
الثالث : كتب النكت والمفردات :
ومنها
الرسائل المبسوطة في المسائل المفردة وكتب الردود والانتصار للأقوال والرجال من
النحاة واللغويين فإنها نافعة جداً .
تذييل بنصائح هامة
الأولى
: ترك التكثر من حفظ المتون في المراحل الأولى فإنه لا يفيده كثير مما يظن إفادته
.
الثانية
: المقترح للحفظ متن الآجرومية ونظم الشبراوية و الألفية لابن مالك .
الثالثة
: عدم النظر في الحواشي المستطيلة إلا بعد تحصيل السبق وقطع المراحل .
الرابعة
: دوام المذاكرة وتعود الإعراب في مخاظبة الناس دون تشدق أو تكبر .
الخامسة
: ترك النظر في كتب النحو الوضوعة على طريقة أهل الكلام ككتاب ( الضروري ) لابن
رشد .
السادسة
: ملازمة أستاذ ناصح ماهر في قطع تلك المراحل جميعها .
السابعة
: قطع الأمل والاستشراف إلى التدريس أو التأليف قبل قطع المرحلتين الأوليين على
أقل تقدير .
هذا
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا ومولانا محمد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق