بسم الله الرحمن الرحيم


[ [1] ] بسمِ [ [2] ] .........
اللهِ [ [3] ] ........
الرحمنِ [ [4] ] الرحيمِ [ [5] ]



[1] -  وقد خصها أهل العربية  بمصنفات مفردة منها رسالة الزجاج ت . 311 هـ  المسماة " الإبانة والتفهيم عن معاني بسم الله الرحمن الرحيم " ونسبت للزجاجي ت . 337 هـ  غلطاً وهي مطبوعة ومخطوطة في دار الكتب المصرية برقم  ( 67 نحو ش ) , و رسالة " سمط الفرائد فيما يتعلق بالبسملة والصلاة من الفوائد " لابن الطيب الفاسي و " الرسالة الكبرى علي البسملة " .
[2] -  ( االباء ) : حرف جر للإلصاق مطلقاً_  وهنا للمصاحبة أو الاستعانة قولان مشهوران والراجح أن بينهما عموماً وخصوصاً فالاستعانة تقتضي المصاحبة وزيادة والله أعلم  .
وقال أبو حيان : باء الجر تأتي لمعان : للإلصاق ، والاستعانة ، والقسم ، والسبب ، والحال ، والظرفية ، والنقل  والبدل وزائدة  وللمقابلة والمجاوزة والاستعلاء انتهي _ مبني علي الكسر للحرفية ولزوم الجر  وقيل في موضعه : منصوب علي المفعولية قاله المبرد والفراء بتقدير : قل بسم الله , وقيل : مرفوع قاله البصريون بتقدير : أول ابتدائي بسم الله  كما في ( كفي بالله ) المعني : كفي الله .
وهو متعلق بمحذوف في تقديره ثلاثة أقوال :
أولها : اسم وهو ابتدائي .
الثاني : فعل يشاكل المعني فإذا أضمرت الكلام قدرت : أتكلم باسم الله وإذا أردت الكتابة قدرت : أكتب باسم الله .
الثالث : إضمار " أبدأ " في كل حال قال الزجاج : وهذا قول الحذاق من النحويين البصريين والكوفيين .
واختار صاحب فتح المجيد الثاني .
والأول هو المشهور من مذهب البصريين .
و القائلون بتقدير فعل اختلفوا أهو متقدم أم متأخر ؟ قولان مشهوران اختار الأول جمهور الكوفيين واختار الثاني الزمخشري وصاحب فتح المجيد وخلق .
 فإن قيل ولم حذف العامل ؟
أجيب لأمور :
أحدها : أن في ذلك عادة للعرب من الإيجاز و الاختصار قال الأعشي :
وعهد الشباب وثاراته   فإن يك ذلك قد بان عن
أي : إن يكن ذلك قد بان عني مشددة النون فحذف النونين والياء وباب الحذف في كتب أهل اللغة عامر ومتشعب ...وتلك قاعدة مطردة في حذف ما يفهم .
الثاني : لأن هذا موطن لا ينبغي أن يتقدم فيه غير ذكر الله .
الثالث : للخروج من الخلاف بين من قدره متقدماً ومن قدره متأخراً فحذفه يستأنس به لأصل الخلاف وقوته .
الرابع : لمناسبة تقديم المستعان به وهو اسم الله علي المستعان له وهو الابتداء أو القراءة أو ما قدروه متعلقاً لبسم .
الخامس : أن ذلك جار علي مثال نظيره من الكتاب قال تعالي ( باسم الله مجراها ومرساها ) .
السادس : إفادة الحصر .
( اسم ) : مجرور بالباء .
وحذفت الألف نطقاً ورسماً لأنها ما وضعت إلا للوصول بها إلي سكون السين فلما دخلت الباء استغني عنها وكان الخليل بن أحمد يسميها " سلم اللسان " لأنها مرقاة إلي السكون والله أعلم .
وحذفت الألف في هذا الموضع دون غيره خلافاً للكسائي والأخفش لكثرة الاستعمال ولتخفيف اللفظ علي اللسان وذلك من سنن العرب .
وفي ( اسم ) لغات عدها بعضهم ثماني عشرة لغة يجمعها قولهم :
سم , سمة , اسم , سماة , كذا سمي   ***  سماء , بتثليث لأول كلها
والمشهور منها أربع : ( اسم ) بكسر الألف وضمها و ( سم ) بكسر السين وضمها وزاد ثعلب
( سمي ) بوزن هدي .
وفي اشتقاقه ثلاثة أقوال :
الأول : مبني من الأمر من قولك : اسُم فلاناً كما أن ( الابن ) من قولك : ابن البناء ...وهو قول ضعيف .
الثاني : من السمت وهو العلامة أي من ( وسمت ) وهول قول الكوفيين.
الثالث : من السمو وهو الرفعة ومنه ( سميت فلاناً ) : أي رفعت ذكره ...وهو الصحيح  وهو قول البصريين .
وقال أبو حيان : الاسم هو اللفظ الدال بالوضع على موجود في العيان ، إن كان محسوساً ، وفي الأذهان ، إن كان معقولاً من غير تعرض ببنيته للزمان ، ومدلوله هو المسمى .انتهي
وليس اسم " الله " مما صدق عليه الحد عند من دقق وحقق والله أعلم .
[3] -  ( الله ) : مضاف إليه مجرور .
وقال ابن عباس : ذو الألوهية وهو الذي تألهه الخلق أي تعبده وكان يقرأ : ( ويذرك وإلاهتك ) أي عبادتك  .
وتقول العرب : فلان يتأله : أي يتعبد قال رؤبة :
* لله در الغانيات المدهِ *
* سبحن واسترجعن من تألهي *
أي من تعبدي .
قال الأزهري : المعبود الذي هو معبود جميع الخلائق لا معبود لهم سواه ولا إله غيره قال الله تعالي : (( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) ) أي : معبود لا نعبد رباً سواه ولا نشرك به شيئاً انتهي .
وفي أصله  واشتقاقه :
 قول سيبويه : وقد اختلف علينا قوله فقال مرة " إله "  دخلت عليه الألف واللام فحذف الألف من أوله  بمنزلة أناس  والناس .
وقال أخري : أصله " لاه " كما حذفوا اللامين في قولك : لاه أبوك  لام الإضافة واللام الأخرى  يريدون لله أبوك ومع بقاء اللامين : لله لأبيك .
وقيل : مرتجل غير مشتق وعليه الأكثرون حكاه أبو حيان في البحر المحيط ونصر ذلك الشيخ تقي الدين الهلالي فقال : ((ومن ذلك المعركة الكبرى التي خاضها علماء العربية في لفظ الجلالة (الله) أهو مرتجل أم مشتق؟وإن كان مشتقا فهل اشتقاقه من ( أله ) أو من ( وله ) أو من (لاه) وما هو أصله على كل من هذه الأوجه وماذا جرى عليه من الحذف والإدغام حتى بلغ صورته التي هو عليها؟ ومن تعلم شيئا من اللغات السامية أخوات اللغة العربية لا ينقضي عجبه من الخائضين في تلك المعركة ويرى جهودهم ضائعة ويحكم يقيناً أن الاسم الكريم مرتجل بلا مرية وهو بعيد كل البعد من الاشتقاق )) انتهي
وهذا قول أبي يزيد البلخي نفسه .
والراجح أنه مشتق قيل : من أله أي فزع ، قاله ابن إسحاق ، أو تحير ، قاله أبو عمر ، أو سكن ، قاله المبرد أو عبد ، قاله النضر وهو الراجح  . والأمر قريب .
وقيل : من وله أي تحير وقيل من لاه يليه أي ارتفع وقيل من لاه يلوه لوهاً أي احتجب والله أعلم .
قال ابن القيم – رحمه الله تعالي - : (( الصحيح أنه مشتق وأن أصله الإله كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ وهو الجامع لمعاني الأسماء الحسني والصفات العلى . والذين قالوا بالاشتقاق إنما أرادوا أنه دال علي صفة له تعالي وهي الإلهية كسائر أسمائه الحسني كالعليم والقدير والسميع والبصير ونحو ذلك .
فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب وهي قديمة ونحن لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعني لا أنها متولدة منه تولد الفرع من أصله .
وتسمية النحاة للمصدر والمشتق منه : أصلاً وفرعاً , ليس معناه أن أحد هما متولد من الآخر وإنما هو باعتبار أن أحد هما يتضمن الآخر وزيادة )) انتهي
قلت : أي الاسم متضمن للصفة وزيادة الدلالة علي الذات والاشتقاق لا يدل علي تولد بين المشتق والأصل فكلاهما باعتبار مشتق من الآخر أي المصدر والفعل كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فالله مذ كان له أسماؤه المتضمنة صفاته بلا سبق لأحد هما علي الآخر .
وفخمت لامه دون غيره من الأسماء التي تضمنت لامين تعظيماً له ولمباينته لخلقه وهو مفخم اللام ما لم يسبق بكسرة  .
فإن قيل ما وجه إضافة الاسم إلي الله ؟؟
قيل : الاسم نائب عن التسمية كنيابة الأسماء عن المصادر وهو  من باب إضافة الشيء إلي نفسه وهذا جواب النحاة والصحيح أن الاسم له لا الاسم نفسه وعليه فالجواب : التوقيف وجوابي : التوقف فالله أعلم .
[4] -   " الرحمن " : مجرور علي الوصف وقال الأعلم : بدل من لفظ الله  , ويجوز الرفع  أوالنصب علي المدح جميعاً بتقدير ( هو ) أو ( أعني ) مرتبين والقرءاة  سنة متبعة .
وهو  ذو الرحمة الواسعة وقيل : رحمن الدنيا وقيل : دال علي الصفة القائمة به سبحانه قاله ابن القيم وقيل غيره . والرحمة : هي الرقة والعطف ونحوه .
و اختلف في لزوم فعله وتعديه علي قولين والراجح تعديه اختاره الزجاج .
ولا يوصف به غير الله تعالي بخلاف الرحيم فإن قيل : مسليمة لقب " رحمان اليمامة " .
أجيب : لما كان اسماً له فتسمي به غيره أضيف إليه الرحيم فخص بهما قاله عطاء الخراساني وقال ثعلب : رحمان عبراني ورحيم عربي اختص بهما الله مجتمعين والله أعلم بالصواب .
أما عن أصله معرب أم عربي  ؟ قولان مشهوران والراجح الثاني ورجح الأول ثعلب وأصله ( رخمان ) بالخاء المعجمة قال جرير :
هل تذكرون إلي الديرين هجرتكم       ومسحكم صلبكم رحمان قربانا
بإعجام الخاء وإعرابها روايتان  .
قال الهلالي : ((ومن أعجب العجب قولهم انه عبراني وان أصله بالخاء المعجمة، والخاء المعجمة  لا وجود لها في العبرانية استقلالاً )) انتهي .
[5] -   الرحيم : يجوز في إعرابه ما جاز في الرحمن  وزيد وجه رابع : كونه صفة للرحمن  علي قول من قال بعبرانية الرحمن  فيكون الرحيم مجلياً له لعجمته  والقول بالعجمة ضعيف كما مر .
وهو ذو الرحمة الواصلة  و هو دال علي الرحمة المتعلقة بالمرحوم وقيل غيره مما محله التفسير قال تعالي  : (( وكان بالمؤمنين رحيماً )) .
وهو في حق المخلوق محتمل معنين : رحيم مبالغة راحم , ورحيم بمعني مرحوم قال العملس بن عقيل :
أما إذا عضت بك الأرض عضة ... فإنك معطوف عليك رحيم
مسألة : فإن قيل هل يجوز خلف  الإعراب في الرحمن والرحيم فيكون أحدهما مرفوعاً والآخر مجروراً أو منصوباً .
أجيب : يجوز وهو بعيد .
مسألة : أيهما أكثر مبالغة ؟
قيل : الرحمن واختاره الزمخشري وقيل : جهة المبالغة مختلفة ففي الرحمن مبالغة الامتلاء للذات كغضبان وعطشان  – وفي هذا ميل إلي كون صفة الرحمن لازمة -  وفي الرحيم تكرار الوقوع . وقيل : الرحيم أكثر مبالغة والأول أقرب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق