ثم قال المجهول : ((ثانياً : إذا تقرر هذا فالنظر فيمن تطلق عليه هذه الكلمة ، فقد تطلق بحق كما يطلقها أهل السنة على بعض جهلة أهل الحديث ))اهـ
قلت : تطلق بحق على بعض جهلة الحديث مثل من ؟! أمثل جرير بن حازم الذي قال فيه أحمد : صاحب سنة ؟!
ثم قال : (( يقول ابن تيمية في المجموع 4/ 23 : (( فالذي يعيب بعض أهل الحديث وأهل الجماعة بحشو القول إنما يعيبهم بقلة المعرفة أو بقلة الفهم ، أما الأول فبأن يحتجوا بأحاديث ضعيفة أو موضوعة .. وأما الثاني فبأن لا يفهموا معنى الأحاديث الصحيحة ، بل قد يقولون القولين المتناقضين ... ولا ريب أن هذا موجود في بعضهم ... ثم إنهم بهذا المنقول الضعيف والمعقول السخيف قد يكفرون ويضللون ويبدعون أقواماً من أعيان الأمة ويجهلونم ، ففي بعضهم من التفريط في الحق والتعدي على الخلق ما قد يكون بعضه خطأً مغفوراً ، وقد يكون منكراً من القول وزوراً ، وقد يكون من البدع والضلالات التي توجب غليظ العقوبات ، فهذا لا ينكره إلا جاهل أو ظالم ، وقد رأيت من هذا العجائب ... )) اهـ كلام ابن تيمية )) انتهى
قلت : لم يقر شيخ الإسلام هذه الكلمة في حق جهلة أهل الحديث ! إنما أقر أن الجهل بمعرفة معاني الآثار أو رواية ما لا يصح منها موجود في أقوام ينتسبون للسنة ولكن هل هذا يسوغ أن يقال عنهم:إنهم حشوية؟ لا أجد في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا صريح العقل ما يسوغ مثل ذلك .
ثم اعلم أيها القارئ أنهم لمزوا أهل الحديث بأنهم حشوية ومجسمة ومشبهة وأنهم الجمهور والعوام والغثاء والغثر وحثالة الناس ورذالة القوم ومع ذلك قد سلم من ألسنتهم الجهمية والمتكلمون وأهل الرأي وأرباب الفلسفة وهم في ذلك كله كما قال أبو المظفر السمعاني ( الانتصار لأهل الحديث ص : 2 ، 3 ) : ((ما ثلموا إلا دينهم ولا سعوا إلا في هلاك أنفسهم وما للأساكفة وصوغ الحلي وصناعة البز وما للحدادين وتقليب العطر والنظر في الجواهر أما يكفيهم صدأ الحديد ونفخ في الكير وشواظ الذيل والوجه وغبرة في الحدقة وما لأهل الكلام ونقد حملة الأخبار وما أحسن قول من قال :
بلاءٌ ليس يشبهه بلاء عداوة غير ذي حسبٍ ودينِ
ينيلك منه عِرضاً لم يصنه ويرتعُ منك في عِرضٍ مصونِ
لكن الحق عزيز وكلٌّ مع عزته يدعيه، ودعواهم الحق تحجبهم عن مراجعة الحق ، نعم ، إن على الباطل ظلمة وإن على الحق نوراً ولا يبصر نور الحق إلا من حشي قلبُه بالنور ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور، فالمتخبط في ظلمات الهوى والمتردي في مهاوي الهلكة والمتعسف في المقال لا يوفق للعود إلى الحق ولا يرشد إلى طريق الهدى ليظهر وعورة مسلكه وعز جانبه وتأبِّيـه إلا على أهله كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون ))انتهى
ثم نقل المجهول نقلين أحدهما عن ابن قتيبة في ذم المجسمة لا يمت لكلامه بصلة ،ونقلاً لابن العربي لا وجه له وما هو بصدده ، ونقلاً عن ابن عساكر في ذم السالمية لا يتصرف من أمر حديثنا بمتصرف وإليكهم قال : ((قال ابن قتيبة في كتاب ( الاختلاف في اللفظ ) ط1/العلمية ص40 : (( ولمّا رأى قوم من الناس إفراط هؤلاء [ يعني الجهمية ] في النفي ، عارضوهم في التمثيل ، فقالوا بالتشبيه المحض ! ، والأقطار ! والحدود ! ، وحملوا الألفاظ الجائية في الحديث كما ظاهرها !! ، وقالوا بالكيفية فيها ، وحملوا من مستشنع الحديث : ( عَرَق الخيل ) ! ، و( حديث عرفات ) ! ، وأشباه هذا من الموضوع ..)) اهـ ، وانظر ( مع ابن قتيبة في العقيدة الإسلامية ) ط الشركة العالمية ص122 . وقد لقي الإمام القاضي أبو بكر بن العربي المالكي جماعة من الحشوية في رحلته فقال عنهم في ( العواصم من القواصم ) ص210 : (( وكان رأس هذه الطائفة بالشام أبو الفرج الحنبلي بدمشق ، وابن الرميلي المحدث ببيت المقدس ، والقطرواني بنواحي نابلس ، والفاخوري بديار مصر ، ولحقت منهم ببغداد أبا الحسين بن أبي يعلى الفراء ، وكل منهم ذو أتباع من العوام ، جمعاً غفيراً ، عصبة عصية عن الحق ، وعصبية على الخلق ، ولو كانت لهم أفهام ، ورزقوا معرفة بدين الإسلام ، لكان لهم من أنفسهم وازع ، لظهور التهافت على مقالاتهم ، وعموم البطلان لكلماتهم ، ولكن الفدامة استولت عليهم ، فليس لهم قلوب يعقلون بها ، ولا أعين يبصرون بها ، ولا آذان يسمعون بها ، أولئك كالأنعام بل هم أضل .. )) اهـ .
ويقول إمام أهل الحديث سيد الحفاظ الإمام الكبير أبو القاسم بن عساكر في ( تبيين كذب المفتري ) ص369 عن الأهوازي وكان من كبار أهل الحشو ما صورته : (( فأغص الله الأهوازي بريقه وفض فاه ، فإنه كان في اعتقاده سالمياً مشبهاً مجسماً حشوياً ، ومن وقف على كتابه الذي سماه كتاب ( البيان في شرح عقود أهل الإيمان ) الذي صنفه في أحاديث الصفات ، واطلع على ما فيه من الآفات ، ورأى ما فيه من الأحاديث الموضوعة ، والروايات المستنكرة المدفوعة ، والأخبار الواهية الضعيفة ، والمعاني المتنافية السخيفة ، كحديث ركوب الجمل !! وعرق الخيل !! قضى عليه في اعتقاده بالويل ، وبعض هذا الكتاب موجود بدمشق بخط يده ، فمن أراد الوقوف عليه فليقف ليتحقق سوء معتقده .. )) اهـ كلام الحافظ .
وفي تلك الأخبار يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ( مجموع الفتاوى 4 / 145 ) : ((وهذا يتناول كثيراً من غالية المثبتة الذين يروون أحاديث موضوعة في الصفات مثل حديث عرق الخيل ونزوله عشية عرفة على الجمل الأورق حتى يصافح المشاة ويعانق الركبان وتجليه لنبيه في الأرض أو رؤيته له على كرسي بين السماء والأرض أو رؤيته إياه في الطواف أو في بعض سكك المدينة إلى غير ذلك من الأحاديث الموضوعة فقد رأيت من ذلك أموراً من أعظم المنكرات والكفران وأحضر لي غير واحد من الناس من الأجزاء والكتب ما فيه من ذلك ما هو من الافتراء على الله وعلى رسوله وقد وضع لتلك الأحاديث أسانيد حتى إن منهم من عمد إلى كتاب صنفه الشيخ أبو الفرج المقدسي فيما يمتحن به السنى من البدعى فجعل ذلك الكتاب مما أوحاه الله إلى نبيه ليلة المعراج وأمره أن يمتحن به الناس فمن أقر به فهو سني ومن لم يقربه فهو بدعى وزادوا فيه على الشيخ أبي الفرج أشياء لم يقلها هو ولا عاقل ))اهـ
فمال أهل السنة أتباع السلف وهذا ؟!أدريت أن المجهول يريد أن ينزل لمز سالفيه ( المعتزلة مخانيث الفلاسفة ) علي أتباع السلف من أهل السنة لمخالفتهم إياه في إثبات نصوص الوحيين في الصفات كالعلو والاستواء كما سيأتي فادره !
ثم إن ابن قتيبة هو القائل ( تاويل مختلف الحديث : 80 - 81 ) :"... وقد لقبوهم بالحشوية والنابتة والمجبرة وربما قالوا الجبرية وسموهم الغثاء والغثر وهذه كلها أنباز لم يأت بها خبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم...."انتهى
ثم قال المجهول : ((وهذا الإمام الهمام ابن الجوزي رحمه الله يرد عليهم ويرميهم بالتشبيه والتجسيم فيقول في كتابه ( دفع شُبَهِ التشبيه .. ) ط الكليات الأزهرية ص8 ردًّا على المشبهة ( وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات .. ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ، ولا إلى إلغاء ما توجبه الظواهر من سمات الحَدَث ، ولم يَقْنَعُوا بأن قالوا : ( صفة فعل ) حتى قالوا : ( صفة ذات ) ، ثم لما أثبتوا أنها صفات ، قالوا : ( لا نحملها على توجيه اللغة ، مثل ( يد ) على معنى نعمة وقدرة ، ولا ( مجيء وإتيان ) على معنى بِرٍّ ولطف ، ولا ( ساق ) على شدة ) ، بل قالوا : ( نحملها على ظواهرها المتعارفة ) !! ، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين .. ثم يتحرجون من التشبيه ، ويَأْنَفُون من إضافته إليهم ، ويقولون : ( نحن أهل السنة ) !! ، وكلامهم صريح في التشبيه ، وقد تبعهم خلق من العوام ، وقد نصحت التابع والمتبوع ، فقلت لهم : يا أصحابنا ، أنتم أصحاب نقل واتباع ، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل رحمه الله يقول وهو تحت السياط : ( كيف أقول ما لم يُقَل ؟ ) ، فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه ، ثم قلتم في الأحاديث : ( تُحْمَل على ظاهرها ) !! ، وظاهر القدم الجارحة ، فإنه لما قيل في عيسى عليه الصلاة والسلام : ( روح الله ) ، اعتقدت النصارى لعنهم الله تعالى أن لله سبحانه وتعالى صفةً هي روح وَلَجَت في مريم !! ، ومن قال : ( استوى بذاته المقدسة ) فقد أجراه سبحانه مجرى الحِسِّيَّات !! ، وينبغي أن لا يُهْمَل ما ثبت به الأصل ، وهو العقل ، فإنا به عرفنا الله تعالى ، وحكمنا له بالقِدَم، فلو أنكم قلتم : ( نقرأ الأحاديث ونسكت ) ، لما أنكر أحد عليكم ، وإنما حَمْلُكُم إياها على الظاهر قبيح )) اهـ كلام ابن الجوزي ، وكان سيفا مسلولا على أهل البدع رحمه الله تعالى ))اهـ
قلت : أما قوله (وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات .. ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ، ولا إلى إلغاء ما توجبه الظواهر من سمات الحَدَث ، ولم يَقْنَعُوا بأن قالوا : ( صفة فعل ) حتى قالوا : ( صفة ذات ) ، ثم لما أثبتوا أنها صفات )اهـ فالواجب الذي لا يرتاب فيه البصير أن الله خاطب خلقه بما يعرفون معناه لا ما يجهلونه ثم إنه أراد منهم أن يفهموا نصوصه علي ظاهرها فلا يحرفوا الكلم عن مواضعه ولا يبدلوا النص بعد ثبوته فمعني توحيدنا لله تعالى ان نثبت له ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل وكذلك ننفي عنه ما نفاه عن نفسه وما نفاه عنه رسوله لأنه كما قال نعيم بن حماد شيخ البخاري : (من شبه الله بخلقه كفر و من جحد ما أثبته الله لنفسه كفر ) فيمرون النصوص كما جاءت علي ظاهر معناه مع اعتقاد ان الله ليس كمثله شيء ولا يشبه شيئاً من خلقه . وأما قوله ( ولم يقنعوا بأن قالوا ....إلخ ) فكما قال ابن القيم :
ما ذنبهم ونبيهم قد قال ما قالوا كذاك منزل الفرقان
ما الذنب الا النصوص لديكم إذ جسمت بل شبهت صنفان
ما ذنب من قد قال ما نطقت له من غير تحريف ولا عدوان
ما ذنب أهل السنة إذ قالوا إن لله صفات موافقين ما جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث عائشة أن أمير رجلاً بعث أميراً علي عهد رسول الله فكان يقرأن لهم فيختم بقل هو الله أحد فسألوه عنها فقال (لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَهَا ) فأقره النبي وقال : (أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّهُ )؟!
وروي البيهقي في ( الأسماء والصفات 2 / 38 - 39) بسند حسن عن ابن عباس أَنَّ الْيَهُودَ جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ ، فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ ، وَلَمْ يُولَدْ ، فَيَخْرُجُ مِنْ شَيْءٍ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَلا شَبَهٌ فَقَالَ : هَذِهِ صِفَةُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَدَّسَ عُلُوًّا كَبِيرًا .
وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، حَدَّثَنَا الحسن بن موسى ، حَدَّثَنَا أبو هلال محمد بن سليم ، حَدَّثَنَا رجل ، أن ابن رواحة البصري ، سأل الحسن فقال : يا أبا سعيد هل تصف لنا ربك ؟ قال : نعم ، أصفه بغير مثال .
ولم ينكر لفظ الصفة فيما نعلم أحد من المنتسبين إلى السنة غير ما حكاه أبو محمد ابن حزم لما قال : ((وأما إطلاق لفظ الصفاة لله تعالى عز وجل فمحال لا يجوز لأن الله تعالى لم ينص قط في كلامه المنزل على لفظة الصفات ولا على لفظ الصفة ولا حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن لله تعالى صفة أو صفات نعم ولا جاء قط ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولا عن أحد من خيار التابعين ولا عن أحد من خيار تابعي التابعين ومن كان هكذا فلا يحل لأحد أن ينطق به ولو قلنا أن الإجماع قد تيقن على ترك هذه اللفظة لصدقنا فلا يجوز القول بلفظ الصفات ولا اعتقاده بل هي بدعة منكرة قال الله تعالى . إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن تتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى.
وإنما اخترع لفظ الصفات المعتزلة وهشام ونظراؤه من رؤساء الرافضة وسلك سبيلهم قوم من أصحاب الكلام سلكوا غير مسلك السلف الصالح ليس فيهم أسوة ولا قدوة وحسبنا الله ونعم الوكيل ))انتهى وهذا كلام ظاهرة سوأته وبائنة عورته ولا يحل اعتقاده لمخالفته النصوص الصحيحة المتقدمة والله أعلم .
وأما قوله (قالوا : ( لا نحملها على توجيه اللغة ، مثل ( يد ) على معنى نعمة وقدرة ، ولا ( مجيء وإتيان ) على معنى بِرٍّ ولطف ، ولا ( ساق ) على شدة ) ، بل قالوا : ( نحملها على ظواهرها المتعارفة )اهـ
وهذا كلام بين الخطأ فإن كانت يد بمعني ( نعمة وقدرة ) فما معني قوله تعالى (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) ؟! ألله نعمتان أو قدرتان ؟ كلا ، بل هي يد حقيقية لا تشابه أيدي المخلوقين تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً . قال أبو الحسن الأشعري في كتابه ( الإبانة عن أصول الديانة ) : " قد سئلنا أتقولون إن لله يدين ؟
قيل : نقول ذلك بلا كيف وقد دل عليه قوله تعالى : ( يد الله فوق أيديهم ) وقوله تعالى : ( لما خلقت بيدي ) وروي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( إن الله مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته ) فثبتت اليد بلا كيف وجاء في الخبر المأثور عن النبي صلى الله عليه و سلم ( أن الله تعالى خلق آدم بيده وخلق جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده )... وقال تعالى : ( بل يداه مبسوطتان ) وجاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( كلتا يديه يمين ) وقال تعالى : ( لأخذنا منه باليمين ) وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل : عملت كذا بيدي ويعني به النعمة وإذا كان الله عز و جل إنما خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوماً في كلامها ومعقولاً في خطابها وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل : فعلت بيدي ويعني النعمة بطل أن يكون معنى قوله تعالى : ( بيدي ) النعمة وذلك أنه لا يجوز أن يقول القائل : لي عليه يدي بمعنى لي عليه نعمتي ومن دافعنا عن استعمال اللغة ولم يرجع إلى أهل اللسان فيها دوفع عن أن تكون اليد بمعنى النعمة إذ كان لا يمكنه أن يتعلق في أن اليد النعمة إلا من جهة اللغة فإذا دفع اللغة لزمه أن لا يفسر القرآن من جهتها وأن لا يثبت اليد نعمة من قبلها لأنه إن روجع في تفسير قوله تعالى : ( بيدي ) نعمتي فليس المسلمون على ما ادعى متفقين وإن روجع إلى اللغة فليس في اللغة أن يقول القائل : بيدي يعني نعمتي وإن لجأ إلى وجه ثالث سألناه عنه ولن يجد له سبيلاً.. ويقال لأهل البدع : ولم زعمتم أن معنى قوله : ( بيدي ) نعمتي أزعمتم ذلك إجماعاً أو لغة ؟ فلا يجدون ذلك إجماعا ولا في اللغة . وإن قالوا : قلنا ذلك من القياس . قيل لهم : ومن أين وجدتم في القياس أن قوله تعالى : ( بيدي ) لا يكون معناه إلا نعمتي ؟ ومن أين يمكن أن يعلم بالعقل أن تفسير كذا وكذا مع أنا رأينا الله عز و جل قد قال في كتابه العزيز الناطق على لسان نبيه الصادق : ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) وقال تعالى : ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ) وقال تعالى : ( إنا جعلناه قرآناً عربياً ) وقال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله ) ولو كان القرآن بلسان غير العرب لما أمكن أن نتدبره ولا أن نعرف معانيه إذا سمعناه فلما كان من لا يحسن لسان العرب لا يحسنه وإنما يعرفه العرب إذا سمعوه على أنهم إنما علموه لأنه بلسانهم نزل وليس في لسانهم ما ادعوه . وقد اعتل معتل بقول الله تعالى : ( والسماء بنيناها بأيد ) قالوا : الأيد القوة فوجب أن يكون معنى قوله تعالى : ( بيدي ) بقدرتي قيل لهم : هذا التأويل فاسد من وجوه :
أحدها : أن الأيد ليس جمع لليد لأن جمع يد أيدي وجمع اليد التي هي نعمة أيادي وإنما قال تعالى : ( لما خلقت بيدي ) فبطل بذلك أن يكون معنى قوله : ( بيدي ) معنى قوله : ( بنيناها بأيد ) . وأيضاً فلو كان أراد القوة لكان معنى ذلك بقدرتي وهذا ناقض لقول مخالفنا وكاسر لمذهبهم لأنهم لا يثبتون قدرة واحدة فكيف يثبتون قدرتين . وأيضاً فلو كان الله تعالى عنى بقوله : ( لما خلقت بيدي ) القدرة لم يكن لآدم صلى الله عليه و سلم على إبليس مزية في ذلك والله تعالى أراد أن يرى فضل آدم صلى الله عليه و سلم عليه إذ خلقه بيديه دونه ولو كان خالقا لإبليس بيده كما خلق آدم صلى الله عليه و سلم بيده لم يكن لتفضيله عليه بذلك وجه وكان إبليس يقول محتجا على ربه : فقد خلقتني بيديك كما خلقت آدم صلى الله عليه و سلم بهما فلما أراد الله تعالى تفضيله عليه بذلك وقال الله تعالى موبخا له على استكباره على آدم صلى الله عليه و سلم أن يسجد له : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت ؟ ) دل على أنه ليس معنى الآية القدرة إذ كان الله تعالى خلق الأشياء جميعاً بقدرته وإنما أراد إثبات يدين ولم يشارك إبليس آدم صلى الله عليه و سلم في أن خلق بهما[ ] .وليس يخلو قوله تعالى : ( لما خلقت بيدي ) أن يكون معنى ذلك إثبات يدين نعمتين أو يكون معنى ذلك إثبات يدين جارحتين [ أي كيدي المخلوقين ] . تعالى الله عن ذلك أو يكون معنى ذلك إثبات يدين قدرتين أو يكون معنى ذلك إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا قدرتين[ ] لا توصفان إلا كما وصف الله تعالى فلا يجوز أن يكون معنى ذلك نعمتين لأنه لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول القائل : عملت بيدي وهو نعمتي . ولا يجوز عندنا ولا عند خصومنا أن نعني جارحتين ولا يجوز عند خصومنا أن يعني قدرتين .
وإذا فسدت الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع وهو أن معنى قوله تعالى : ( بيدي ) إثبات يدين ليستا جارحتين ولا قدرتين ولا نعمتين لا يوصفان إلا بأن يقال : إنهما يدان ليستا كالأيدي خارجتان عن سائر الوجوه الثلاثة التي سلفت . وأيضاً فلو كان معنى قوله تعالى : ( بيدي ) نعمتي لكان لا فضيلة لآدم صلى الله عليه و سلم على إبليس في ذلك على مذاهب مخالفينا لأن الله تعالى قد ابتدأ إبليس على قولهم كما ابتدأ آدم صلى الله عليه و سلم وليس تخلو النعمتان أن يكونا هما بدن آدم صلى الله عليه و سلم أو يكونا عرضين خلقا في بدن آدم عليه الصلاة و السلام فلو كان عنى بدن آدم عليه السلام فلأبدان عند مخالفينا من المعتزلة جنس واحد وإذا كانت الأبدان عندهم جنسا واحدا فقد حصل في جسد إبليس على مذاهبهم من النعمة ما حصل في جسد آدم صلى الله عليه و سلم وكذلك إن عنى عرضين فليس من عرض فعله في بدن آدم صلى الله عليه و سلم من لون أو حياة أو قوة أو غير ذلك إلا وقد فعل من جنسه عندهم في بدن إبليس وهذا يوجب أنه لا فضيلة لآدم صلى الله عليه و سلم على إبليس في ذلك والله تعالى إنما احتج على إبليس بذلك ليريه أن لآدم صلى الله عليه و سلم في ذلك الفضيلة فدل ما قلناه على أن الله عز و جل لما قال : ( خلقت بيدي ) لم يعن نعمتي . ويقال لهم : لم أنكرتم أن يكون الله تعالى عنى بقوله : ( بيدي ) يدين ليستا نعمتين ؟
فإن قالوا : لأن اليد إذا لم تكن نعمة لم تكن إلا جارحة . قيل لهم : ولم قضيتم أن اليد إذا لم تكن نعمة لم تكن إلا جارحة ؟ وإن رجعونا إلى شاهدنا أو إلى ما نجده فيما بيننا من الخلق فقالوا : اليد إذا لم تكن نعمة في الشاهد لم تكن إلا جارحة . قيل لهم : إن عملتم على الشاهد وقضيتم به على الله تعالى فكذلك لم نجد حيا من الخلق إلا جسما لحما ودما فاقضوا بذلك على الله - تعالى عن ذلك - وإلا كنتم لقولكم تاركين و لاعتلالكم ناقضين وإن أثبتم حياً لا كالأحياء منا فلم أنكرتم أن تكون اليدان اللتان أخبر الله تعالى عنهما يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا كالأيدي ؟
وكذلك يقال لهم : لم تجدوا مدبرا حكيما إلا إنسانا ثم أثبتم أن للدنيا مدبرا حكيما ليس كالإنسان وخالفتم الشاهد ونقضتم اعتلالكم فلا تمنعوا من إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين من أجل أن ذلك خلاف الشاهد فإن قالوا إذا أثبتم لله عز و جل يدين لقوله تعالى : ( لما خلقت بيدي ) فلم لا أثبتم له أيدي لقوله تعالى : ( مما عملت أيدينا ) ؟
قيل لهم : قد أجمعوا على بطلان قول من أثبت لله أيدي فلما أجمعوا على بطلان قول من قال ذلك وجب أن يكون الله تعالى ذكر أيدي ورجع إلى إثبات يدين لأن الدليل عنده دل على صحة الإجماع وإذا كان الإجماع صحيحا وجب أن يرجع من قوله أيدي إلى يدين لأن القرآن على ظاهره ولا يزول عن ظاهره إلا بحجة فوجدنا حجة أزلنا بها ذكر الأيدي عن الظاهر إلى ظاهر آخر ووجب أن يكون الظاهر الآخر على حقيقته لا يزول عنها إلا بحجة . فإن قال قائل : إذا ذكر الله عز و جل الأيدي وأراد يدين فما أنكرتم أن يذكر الأيدي ويريد يدا واحدة ؟ قيل له : ذكر تعالى أيدي وأراد يدين لأنهم أجمعوا على بطلان قول من قال أيدي كثيرة وقول من قال يدا واحدة فقلنا يدان لأن القرآن على ظاهره إلا أن تقوم حجة بأن يكون على خلاف الظاهر .
فإن قال قائل : ما أنكرتم أن يكون قوله تعالى : ( مما عملت أيدينا ) وقوله تعالى : ( لما خلقت بيدي على المجاز ؟ قيل له : حكم كلام الله تعالى أن يكون على ظاهره وحقيقته ولا يخرج الشيء عن ظاهره إلى المجاز إلا بحجة ألا ترون أنه إذا كان ظاهر الكلام العموم فإذا ورد بلفظ العموم والمراد به الخصوص فليس هو على حقيقة الظاهر وليس يجوز أن يعدل بما ظاهره العموم عن العموم بغير حجة كذلك قوله تعالى : ( لما خلقت بيدي ) على ظاهره أو حقيقته من إثبات اليدين ولا يجوز أن يعدل به عن ظاهر اليدين إلى ما ادعاه خصومنا إلا بحجة ولو جاز ذلك لجاز لمدع أن يدعي أن ما ظاهره العموم فهو على الخصوص وما ظاهره الخصوص فهو على العموم بغير حجة وإذا لم يجز هذا لمدعيه بغير برهان لم يجز لكم ما ادعيتموه أنه مجاز أن يكون مجازا بغير حجة بل واجب أن يكون قوله تعالى : ( لما خلقت بيدي ) إثبات يدين لله تعالى في الحقيقة غير نعمتين إذا كانت النعمتان لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول قائلهم : فعلت بيدي وهو يعني النعمتين" انتهى وليس وراء ذلك غاية .
وأما قوله : (( ولا مجئ وإتيان بمعني بر ولطف )) فلا شرع يعضده ولا لغة تنصره لا كما زعم فمن قال إن الإتيان والمجئ بمعني البر واللطف قال تعالى ( فأتى الله بنيانهم من القواعد ) وقال ( أتي أمر الله فلا تستعجلوه ) وقال فرعون ( ءاتوني بكل ساحر ) بمعني ( لطف الله ببنيانهم ) و ( لطف امر الله وبر فلا تستعجلوه ) و ( بروني والطفوا بي بكل ساحر ) ! هذا مم تأباه العقول والفطر .
وأما قوله ( ساق بمعني شدة ) فغير مسلم هكذا صنع بلفظة ساق فما يصنع بلفظة ( رجل ) فإن النار تستزيد الله تعالى قال النبي : ((حتى يضع تبارك وتعالى فيها رجله فتقول قط قط )) رواه مسلم والبخاري بلفظ ( قدمه ) أيقال يضع فيها شدته كما قيل في الساق مع أن الأول غير مسلم لك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((....فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقاى من كان يسجد لله رياء )) هذا لفظ البخاري .
هل يقولون : بيننا وبينه آية ( الشدة ) فيكشف عن شدته ؟! هذا تحقيق ابن الجوزي وأمثاله في مسائل التوحيد !
ذلكم التحقيق الذي لم يرتضه أحد من أئمة ذلك الشأن ولذا نقم عليه غير واحد منهم ؛قال ابن رجب في (( ذيل طبقات الحنابلة 1 / 372 )) ناقلاً عن ابن النجار قال : "ومنها ( أي المآخذ عليه ) وهو الذي من أجله نقم جماعة من مشايخ أصحابنا وأئمتهم من المقادسة والعلثيين- من ميله إلى التأويل في بعض كلامه، واشتد نكرهم عليه في ذلك. ولا ريب أن كلامه في ذلك مضطرب مختلف، وهو وإن كان مطلعًا على الأحاديث والآثار في هذا الباب، فلم يكن خبيرًا بحل شبهة المتكلمين، وبيان فِسادها. وكان معظمًا لأبي الوفاء بن عقيل يتابعه في أكثر ما يجد في كلامه وإن كان قد ورد عليه في بعض المسائل. وكان ابن عقيل بارعًا في الكلام، ولم يكن تام الخبرة بالحديث والآثار. فلهذا يضطرب في هذا الباب، وتتلون فيه آراؤه. وأبو الفرج تابع له في هذا التلون .
قال الشيخ موفق الدين المقدسي: كان ابن الجوزي إمام أهل عصره في الوعظ، وصنف في فنون العلم تصانيف حسنة. وكان صاحب قبول. وكان يدرس الفقه ويصنف فيه. وكان حافظًا للحديث. وصنف فيه، إلا أننا لم نرض تصانيفه في السنة، ولا طريقته فيها" انتهى
وقال الذهبي ( السير 21 / 381 ) : وكتب إلي أبو بكر بن طرخان : أخبرنا الامام موفق الدين، قال: ابن الجوزي إمام أهل عصره في الوعظ، وصنف في فنون العلم تصانيف حسنة، وكان صاحب فنون، كان يصنف في الفقه، ويدرس، وكان حافظا للحديث، إلا أننا لم نرض تصانيفه في السنة، ولا طريقته فيها، وكانت العامة يعظمونه، وكانت تنفلت منه في بعض الاوقات كلمات تنكر عليه في السنة، فيستفتي عليه فيها، ويضيق صدره من أجلها "اهـ
وقال السيف ( السير 21 / 383 ) : ما رأيت أحدا يعتمد عليه في دينه وعلمه وعقله راضيا عنه "اهـ
وقال : وقال جدي : كان أبو المظفر ابن حمدي ينكر على أبي الفرج كثيرا كلمات يخالف فيها السنة.اهـ وجده هو الموفق ابن قدامة .
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام :" قلت : ومع تبحر ابن الجوزي في العلوم وكثر اطلاعه وسعة دائرته ولم يكن مبرزا في علم من العلوم وذلك شأن كل من فرق نفسه في بحور العلم . ومع أنه كان مبرزا في التفسير والوعظ والتاريخ ومتوسطا في المذهب متوسطا في الحديث له اطلاع تام على متونه . وأما الكلام على صحيحه وسقيمه فما له فيه ذوق المحدثين ولا نقد الحفاظ المبرزين . فإنه كثير الاحتجاج الأحاديث الضعيفة مع كونه كثير السياق لتلك الأحاديث في الموضوعات . والتحقيق أنه لا ينبغي الاحتجاج بها ولا ذكرها في الموضوعات وربما ذكر في الموضوعات أحاديث حسانا قوية "اهـ
قلت : وهو بالضعف في أمر المعتقد أولى .وقال أيضاً :" قلت : وكلامه في السنة مضطرب تراه في وقت سنياً وفي وقت متجهماً محرفاً للنصوص والله يرحمه يغفر له "اهـ
ثم إن ابن الجوزي هو القائل ( سير أعلام النبلاء 21 / 376 ):" أهل الكلام يقولون: ما في السماء رب، ولا في المصحف قرآن، ولا في القبر نبي، ثلاث عورات لكم " اهـ وهذا كله إنما رمي به الأشاعرة !
ثم اعلم أن دندنة اولئك بحكاية أن السلف امروها كما جاءت مع اعتقادهم نفي الظاهر المتبادر فيه حق وباطل ؛ قال شيخ الإسلام [ الفتوى الحموية 159 – 160 ] : ((واعلم أن من المتأخرين من يقول مذهب السلف إقرارها على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد وهذا اللفظ مجمل فإن قوله ظاهرها غير مراد يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين مثل أن يراد بكون الله قبل وجه المصلى أنه مستقر فى الحائط الذى يصلى إليه وأن الله معنا ظاهره أنه الى جانبنا ونحو ذلك فلا شك أن هذا غير مراد .
ومن قال إن مذهب السلف أن هذا غير مراد فقد أصاب فى المعنى لكن أخطأ بإطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات والاحاديث فان هذا المحال ليس هو الظاهر على ما قد بيناه فى غير هذا الموضع اللهم الا أن يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس فيكون القائل لذلك مصيباً بهذا الاعتبار معذوراً فى هذا الإطلاق فإن الظهور والبطون قد يختلف باختلاف أحوال الناس وهو من الأمور النسبية وكان أحسن من هذا أن يبين لمن اعتقد أن هذا هو الظاهر أن هذا ليس هو الظاهر حتى يكون قد أعطى كلام الله وكلام رسوله حقه لفظاً ومعنى وإن كان الناقل عن السلف أراد بقوله الظاهر غير مراد عندهم أن المعانى التى تظهر من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته ولا يختص بصفة المخلوقين بل هى واجبة لله أو جائزة عليه جوازاً ذهنياً أو جوازاً خارجياً غير مراد فهذا قد أخطأ فيما نقله عن السلف أو تعمد الكذب فما يمكن أحد قط أن ينقل عن واحد من السلف ما يدل لا نصاً ولا ظاهراً أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش ولا أن الله ليس له سمع ولا بصر ولا يد حقيقة )) انتهى
قلت : تطلق بحق على بعض جهلة الحديث مثل من ؟! أمثل جرير بن حازم الذي قال فيه أحمد : صاحب سنة ؟!
ثم قال : (( يقول ابن تيمية في المجموع 4/ 23 : (( فالذي يعيب بعض أهل الحديث وأهل الجماعة بحشو القول إنما يعيبهم بقلة المعرفة أو بقلة الفهم ، أما الأول فبأن يحتجوا بأحاديث ضعيفة أو موضوعة .. وأما الثاني فبأن لا يفهموا معنى الأحاديث الصحيحة ، بل قد يقولون القولين المتناقضين ... ولا ريب أن هذا موجود في بعضهم ... ثم إنهم بهذا المنقول الضعيف والمعقول السخيف قد يكفرون ويضللون ويبدعون أقواماً من أعيان الأمة ويجهلونم ، ففي بعضهم من التفريط في الحق والتعدي على الخلق ما قد يكون بعضه خطأً مغفوراً ، وقد يكون منكراً من القول وزوراً ، وقد يكون من البدع والضلالات التي توجب غليظ العقوبات ، فهذا لا ينكره إلا جاهل أو ظالم ، وقد رأيت من هذا العجائب ... )) اهـ كلام ابن تيمية )) انتهى
قلت : لم يقر شيخ الإسلام هذه الكلمة في حق جهلة أهل الحديث ! إنما أقر أن الجهل بمعرفة معاني الآثار أو رواية ما لا يصح منها موجود في أقوام ينتسبون للسنة ولكن هل هذا يسوغ أن يقال عنهم:إنهم حشوية؟ لا أجد في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا صريح العقل ما يسوغ مثل ذلك .
ثم اعلم أيها القارئ أنهم لمزوا أهل الحديث بأنهم حشوية ومجسمة ومشبهة وأنهم الجمهور والعوام والغثاء والغثر وحثالة الناس ورذالة القوم ومع ذلك قد سلم من ألسنتهم الجهمية والمتكلمون وأهل الرأي وأرباب الفلسفة وهم في ذلك كله كما قال أبو المظفر السمعاني ( الانتصار لأهل الحديث ص : 2 ، 3 ) : ((ما ثلموا إلا دينهم ولا سعوا إلا في هلاك أنفسهم وما للأساكفة وصوغ الحلي وصناعة البز وما للحدادين وتقليب العطر والنظر في الجواهر أما يكفيهم صدأ الحديد ونفخ في الكير وشواظ الذيل والوجه وغبرة في الحدقة وما لأهل الكلام ونقد حملة الأخبار وما أحسن قول من قال :
بلاءٌ ليس يشبهه بلاء عداوة غير ذي حسبٍ ودينِ
ينيلك منه عِرضاً لم يصنه ويرتعُ منك في عِرضٍ مصونِ
لكن الحق عزيز وكلٌّ مع عزته يدعيه، ودعواهم الحق تحجبهم عن مراجعة الحق ، نعم ، إن على الباطل ظلمة وإن على الحق نوراً ولا يبصر نور الحق إلا من حشي قلبُه بالنور ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور، فالمتخبط في ظلمات الهوى والمتردي في مهاوي الهلكة والمتعسف في المقال لا يوفق للعود إلى الحق ولا يرشد إلى طريق الهدى ليظهر وعورة مسلكه وعز جانبه وتأبِّيـه إلا على أهله كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون ))انتهى
ثم نقل المجهول نقلين أحدهما عن ابن قتيبة في ذم المجسمة لا يمت لكلامه بصلة ،ونقلاً لابن العربي لا وجه له وما هو بصدده ، ونقلاً عن ابن عساكر في ذم السالمية لا يتصرف من أمر حديثنا بمتصرف وإليكهم قال : ((قال ابن قتيبة في كتاب ( الاختلاف في اللفظ ) ط1/العلمية ص40 : (( ولمّا رأى قوم من الناس إفراط هؤلاء [ يعني الجهمية ] في النفي ، عارضوهم في التمثيل ، فقالوا بالتشبيه المحض ! ، والأقطار ! والحدود ! ، وحملوا الألفاظ الجائية في الحديث كما ظاهرها !! ، وقالوا بالكيفية فيها ، وحملوا من مستشنع الحديث : ( عَرَق الخيل ) ! ، و( حديث عرفات ) ! ، وأشباه هذا من الموضوع ..)) اهـ ، وانظر ( مع ابن قتيبة في العقيدة الإسلامية ) ط الشركة العالمية ص122 . وقد لقي الإمام القاضي أبو بكر بن العربي المالكي جماعة من الحشوية في رحلته فقال عنهم في ( العواصم من القواصم ) ص210 : (( وكان رأس هذه الطائفة بالشام أبو الفرج الحنبلي بدمشق ، وابن الرميلي المحدث ببيت المقدس ، والقطرواني بنواحي نابلس ، والفاخوري بديار مصر ، ولحقت منهم ببغداد أبا الحسين بن أبي يعلى الفراء ، وكل منهم ذو أتباع من العوام ، جمعاً غفيراً ، عصبة عصية عن الحق ، وعصبية على الخلق ، ولو كانت لهم أفهام ، ورزقوا معرفة بدين الإسلام ، لكان لهم من أنفسهم وازع ، لظهور التهافت على مقالاتهم ، وعموم البطلان لكلماتهم ، ولكن الفدامة استولت عليهم ، فليس لهم قلوب يعقلون بها ، ولا أعين يبصرون بها ، ولا آذان يسمعون بها ، أولئك كالأنعام بل هم أضل .. )) اهـ .
ويقول إمام أهل الحديث سيد الحفاظ الإمام الكبير أبو القاسم بن عساكر في ( تبيين كذب المفتري ) ص369 عن الأهوازي وكان من كبار أهل الحشو ما صورته : (( فأغص الله الأهوازي بريقه وفض فاه ، فإنه كان في اعتقاده سالمياً مشبهاً مجسماً حشوياً ، ومن وقف على كتابه الذي سماه كتاب ( البيان في شرح عقود أهل الإيمان ) الذي صنفه في أحاديث الصفات ، واطلع على ما فيه من الآفات ، ورأى ما فيه من الأحاديث الموضوعة ، والروايات المستنكرة المدفوعة ، والأخبار الواهية الضعيفة ، والمعاني المتنافية السخيفة ، كحديث ركوب الجمل !! وعرق الخيل !! قضى عليه في اعتقاده بالويل ، وبعض هذا الكتاب موجود بدمشق بخط يده ، فمن أراد الوقوف عليه فليقف ليتحقق سوء معتقده .. )) اهـ كلام الحافظ .
وفي تلك الأخبار يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ( مجموع الفتاوى 4 / 145 ) : ((وهذا يتناول كثيراً من غالية المثبتة الذين يروون أحاديث موضوعة في الصفات مثل حديث عرق الخيل ونزوله عشية عرفة على الجمل الأورق حتى يصافح المشاة ويعانق الركبان وتجليه لنبيه في الأرض أو رؤيته له على كرسي بين السماء والأرض أو رؤيته إياه في الطواف أو في بعض سكك المدينة إلى غير ذلك من الأحاديث الموضوعة فقد رأيت من ذلك أموراً من أعظم المنكرات والكفران وأحضر لي غير واحد من الناس من الأجزاء والكتب ما فيه من ذلك ما هو من الافتراء على الله وعلى رسوله وقد وضع لتلك الأحاديث أسانيد حتى إن منهم من عمد إلى كتاب صنفه الشيخ أبو الفرج المقدسي فيما يمتحن به السنى من البدعى فجعل ذلك الكتاب مما أوحاه الله إلى نبيه ليلة المعراج وأمره أن يمتحن به الناس فمن أقر به فهو سني ومن لم يقربه فهو بدعى وزادوا فيه على الشيخ أبي الفرج أشياء لم يقلها هو ولا عاقل ))اهـ
فمال أهل السنة أتباع السلف وهذا ؟!أدريت أن المجهول يريد أن ينزل لمز سالفيه ( المعتزلة مخانيث الفلاسفة ) علي أتباع السلف من أهل السنة لمخالفتهم إياه في إثبات نصوص الوحيين في الصفات كالعلو والاستواء كما سيأتي فادره !
ثم إن ابن قتيبة هو القائل ( تاويل مختلف الحديث : 80 - 81 ) :"... وقد لقبوهم بالحشوية والنابتة والمجبرة وربما قالوا الجبرية وسموهم الغثاء والغثر وهذه كلها أنباز لم يأت بها خبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم...."انتهى
ثم قال المجهول : ((وهذا الإمام الهمام ابن الجوزي رحمه الله يرد عليهم ويرميهم بالتشبيه والتجسيم فيقول في كتابه ( دفع شُبَهِ التشبيه .. ) ط الكليات الأزهرية ص8 ردًّا على المشبهة ( وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات .. ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ، ولا إلى إلغاء ما توجبه الظواهر من سمات الحَدَث ، ولم يَقْنَعُوا بأن قالوا : ( صفة فعل ) حتى قالوا : ( صفة ذات ) ، ثم لما أثبتوا أنها صفات ، قالوا : ( لا نحملها على توجيه اللغة ، مثل ( يد ) على معنى نعمة وقدرة ، ولا ( مجيء وإتيان ) على معنى بِرٍّ ولطف ، ولا ( ساق ) على شدة ) ، بل قالوا : ( نحملها على ظواهرها المتعارفة ) !! ، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين .. ثم يتحرجون من التشبيه ، ويَأْنَفُون من إضافته إليهم ، ويقولون : ( نحن أهل السنة ) !! ، وكلامهم صريح في التشبيه ، وقد تبعهم خلق من العوام ، وقد نصحت التابع والمتبوع ، فقلت لهم : يا أصحابنا ، أنتم أصحاب نقل واتباع ، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل رحمه الله يقول وهو تحت السياط : ( كيف أقول ما لم يُقَل ؟ ) ، فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه ، ثم قلتم في الأحاديث : ( تُحْمَل على ظاهرها ) !! ، وظاهر القدم الجارحة ، فإنه لما قيل في عيسى عليه الصلاة والسلام : ( روح الله ) ، اعتقدت النصارى لعنهم الله تعالى أن لله سبحانه وتعالى صفةً هي روح وَلَجَت في مريم !! ، ومن قال : ( استوى بذاته المقدسة ) فقد أجراه سبحانه مجرى الحِسِّيَّات !! ، وينبغي أن لا يُهْمَل ما ثبت به الأصل ، وهو العقل ، فإنا به عرفنا الله تعالى ، وحكمنا له بالقِدَم، فلو أنكم قلتم : ( نقرأ الأحاديث ونسكت ) ، لما أنكر أحد عليكم ، وإنما حَمْلُكُم إياها على الظاهر قبيح )) اهـ كلام ابن الجوزي ، وكان سيفا مسلولا على أهل البدع رحمه الله تعالى ))اهـ
قلت : أما قوله (وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات .. ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ، ولا إلى إلغاء ما توجبه الظواهر من سمات الحَدَث ، ولم يَقْنَعُوا بأن قالوا : ( صفة فعل ) حتى قالوا : ( صفة ذات ) ، ثم لما أثبتوا أنها صفات )اهـ فالواجب الذي لا يرتاب فيه البصير أن الله خاطب خلقه بما يعرفون معناه لا ما يجهلونه ثم إنه أراد منهم أن يفهموا نصوصه علي ظاهرها فلا يحرفوا الكلم عن مواضعه ولا يبدلوا النص بعد ثبوته فمعني توحيدنا لله تعالى ان نثبت له ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل وكذلك ننفي عنه ما نفاه عن نفسه وما نفاه عنه رسوله لأنه كما قال نعيم بن حماد شيخ البخاري : (من شبه الله بخلقه كفر و من جحد ما أثبته الله لنفسه كفر ) فيمرون النصوص كما جاءت علي ظاهر معناه مع اعتقاد ان الله ليس كمثله شيء ولا يشبه شيئاً من خلقه . وأما قوله ( ولم يقنعوا بأن قالوا ....إلخ ) فكما قال ابن القيم :
ما ذنبهم ونبيهم قد قال ما قالوا كذاك منزل الفرقان
ما الذنب الا النصوص لديكم إذ جسمت بل شبهت صنفان
ما ذنب من قد قال ما نطقت له من غير تحريف ولا عدوان
ما ذنب أهل السنة إذ قالوا إن لله صفات موافقين ما جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث عائشة أن أمير رجلاً بعث أميراً علي عهد رسول الله فكان يقرأن لهم فيختم بقل هو الله أحد فسألوه عنها فقال (لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَهَا ) فأقره النبي وقال : (أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّهُ )؟!
وروي البيهقي في ( الأسماء والصفات 2 / 38 - 39) بسند حسن عن ابن عباس أَنَّ الْيَهُودَ جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ ، فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ ، وَلَمْ يُولَدْ ، فَيَخْرُجُ مِنْ شَيْءٍ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَلا شَبَهٌ فَقَالَ : هَذِهِ صِفَةُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَدَّسَ عُلُوًّا كَبِيرًا .
وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، حَدَّثَنَا الحسن بن موسى ، حَدَّثَنَا أبو هلال محمد بن سليم ، حَدَّثَنَا رجل ، أن ابن رواحة البصري ، سأل الحسن فقال : يا أبا سعيد هل تصف لنا ربك ؟ قال : نعم ، أصفه بغير مثال .
ولم ينكر لفظ الصفة فيما نعلم أحد من المنتسبين إلى السنة غير ما حكاه أبو محمد ابن حزم لما قال : ((وأما إطلاق لفظ الصفاة لله تعالى عز وجل فمحال لا يجوز لأن الله تعالى لم ينص قط في كلامه المنزل على لفظة الصفات ولا على لفظ الصفة ولا حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن لله تعالى صفة أو صفات نعم ولا جاء قط ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولا عن أحد من خيار التابعين ولا عن أحد من خيار تابعي التابعين ومن كان هكذا فلا يحل لأحد أن ينطق به ولو قلنا أن الإجماع قد تيقن على ترك هذه اللفظة لصدقنا فلا يجوز القول بلفظ الصفات ولا اعتقاده بل هي بدعة منكرة قال الله تعالى . إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن تتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى.
وإنما اخترع لفظ الصفات المعتزلة وهشام ونظراؤه من رؤساء الرافضة وسلك سبيلهم قوم من أصحاب الكلام سلكوا غير مسلك السلف الصالح ليس فيهم أسوة ولا قدوة وحسبنا الله ونعم الوكيل ))انتهى وهذا كلام ظاهرة سوأته وبائنة عورته ولا يحل اعتقاده لمخالفته النصوص الصحيحة المتقدمة والله أعلم .
وأما قوله (قالوا : ( لا نحملها على توجيه اللغة ، مثل ( يد ) على معنى نعمة وقدرة ، ولا ( مجيء وإتيان ) على معنى بِرٍّ ولطف ، ولا ( ساق ) على شدة ) ، بل قالوا : ( نحملها على ظواهرها المتعارفة )اهـ
وهذا كلام بين الخطأ فإن كانت يد بمعني ( نعمة وقدرة ) فما معني قوله تعالى (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) ؟! ألله نعمتان أو قدرتان ؟ كلا ، بل هي يد حقيقية لا تشابه أيدي المخلوقين تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً . قال أبو الحسن الأشعري في كتابه ( الإبانة عن أصول الديانة ) : " قد سئلنا أتقولون إن لله يدين ؟
قيل : نقول ذلك بلا كيف وقد دل عليه قوله تعالى : ( يد الله فوق أيديهم ) وقوله تعالى : ( لما خلقت بيدي ) وروي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( إن الله مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته ) فثبتت اليد بلا كيف وجاء في الخبر المأثور عن النبي صلى الله عليه و سلم ( أن الله تعالى خلق آدم بيده وخلق جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده )... وقال تعالى : ( بل يداه مبسوطتان ) وجاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( كلتا يديه يمين ) وقال تعالى : ( لأخذنا منه باليمين ) وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل : عملت كذا بيدي ويعني به النعمة وإذا كان الله عز و جل إنما خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوماً في كلامها ومعقولاً في خطابها وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل : فعلت بيدي ويعني النعمة بطل أن يكون معنى قوله تعالى : ( بيدي ) النعمة وذلك أنه لا يجوز أن يقول القائل : لي عليه يدي بمعنى لي عليه نعمتي ومن دافعنا عن استعمال اللغة ولم يرجع إلى أهل اللسان فيها دوفع عن أن تكون اليد بمعنى النعمة إذ كان لا يمكنه أن يتعلق في أن اليد النعمة إلا من جهة اللغة فإذا دفع اللغة لزمه أن لا يفسر القرآن من جهتها وأن لا يثبت اليد نعمة من قبلها لأنه إن روجع في تفسير قوله تعالى : ( بيدي ) نعمتي فليس المسلمون على ما ادعى متفقين وإن روجع إلى اللغة فليس في اللغة أن يقول القائل : بيدي يعني نعمتي وإن لجأ إلى وجه ثالث سألناه عنه ولن يجد له سبيلاً.. ويقال لأهل البدع : ولم زعمتم أن معنى قوله : ( بيدي ) نعمتي أزعمتم ذلك إجماعاً أو لغة ؟ فلا يجدون ذلك إجماعا ولا في اللغة . وإن قالوا : قلنا ذلك من القياس . قيل لهم : ومن أين وجدتم في القياس أن قوله تعالى : ( بيدي ) لا يكون معناه إلا نعمتي ؟ ومن أين يمكن أن يعلم بالعقل أن تفسير كذا وكذا مع أنا رأينا الله عز و جل قد قال في كتابه العزيز الناطق على لسان نبيه الصادق : ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) وقال تعالى : ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ) وقال تعالى : ( إنا جعلناه قرآناً عربياً ) وقال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله ) ولو كان القرآن بلسان غير العرب لما أمكن أن نتدبره ولا أن نعرف معانيه إذا سمعناه فلما كان من لا يحسن لسان العرب لا يحسنه وإنما يعرفه العرب إذا سمعوه على أنهم إنما علموه لأنه بلسانهم نزل وليس في لسانهم ما ادعوه . وقد اعتل معتل بقول الله تعالى : ( والسماء بنيناها بأيد ) قالوا : الأيد القوة فوجب أن يكون معنى قوله تعالى : ( بيدي ) بقدرتي قيل لهم : هذا التأويل فاسد من وجوه :
أحدها : أن الأيد ليس جمع لليد لأن جمع يد أيدي وجمع اليد التي هي نعمة أيادي وإنما قال تعالى : ( لما خلقت بيدي ) فبطل بذلك أن يكون معنى قوله : ( بيدي ) معنى قوله : ( بنيناها بأيد ) . وأيضاً فلو كان أراد القوة لكان معنى ذلك بقدرتي وهذا ناقض لقول مخالفنا وكاسر لمذهبهم لأنهم لا يثبتون قدرة واحدة فكيف يثبتون قدرتين . وأيضاً فلو كان الله تعالى عنى بقوله : ( لما خلقت بيدي ) القدرة لم يكن لآدم صلى الله عليه و سلم على إبليس مزية في ذلك والله تعالى أراد أن يرى فضل آدم صلى الله عليه و سلم عليه إذ خلقه بيديه دونه ولو كان خالقا لإبليس بيده كما خلق آدم صلى الله عليه و سلم بيده لم يكن لتفضيله عليه بذلك وجه وكان إبليس يقول محتجا على ربه : فقد خلقتني بيديك كما خلقت آدم صلى الله عليه و سلم بهما فلما أراد الله تعالى تفضيله عليه بذلك وقال الله تعالى موبخا له على استكباره على آدم صلى الله عليه و سلم أن يسجد له : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت ؟ ) دل على أنه ليس معنى الآية القدرة إذ كان الله تعالى خلق الأشياء جميعاً بقدرته وإنما أراد إثبات يدين ولم يشارك إبليس آدم صلى الله عليه و سلم في أن خلق بهما[ ] .وليس يخلو قوله تعالى : ( لما خلقت بيدي ) أن يكون معنى ذلك إثبات يدين نعمتين أو يكون معنى ذلك إثبات يدين جارحتين [ أي كيدي المخلوقين ] . تعالى الله عن ذلك أو يكون معنى ذلك إثبات يدين قدرتين أو يكون معنى ذلك إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا قدرتين[ ] لا توصفان إلا كما وصف الله تعالى فلا يجوز أن يكون معنى ذلك نعمتين لأنه لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول القائل : عملت بيدي وهو نعمتي . ولا يجوز عندنا ولا عند خصومنا أن نعني جارحتين ولا يجوز عند خصومنا أن يعني قدرتين .
وإذا فسدت الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع وهو أن معنى قوله تعالى : ( بيدي ) إثبات يدين ليستا جارحتين ولا قدرتين ولا نعمتين لا يوصفان إلا بأن يقال : إنهما يدان ليستا كالأيدي خارجتان عن سائر الوجوه الثلاثة التي سلفت . وأيضاً فلو كان معنى قوله تعالى : ( بيدي ) نعمتي لكان لا فضيلة لآدم صلى الله عليه و سلم على إبليس في ذلك على مذاهب مخالفينا لأن الله تعالى قد ابتدأ إبليس على قولهم كما ابتدأ آدم صلى الله عليه و سلم وليس تخلو النعمتان أن يكونا هما بدن آدم صلى الله عليه و سلم أو يكونا عرضين خلقا في بدن آدم عليه الصلاة و السلام فلو كان عنى بدن آدم عليه السلام فلأبدان عند مخالفينا من المعتزلة جنس واحد وإذا كانت الأبدان عندهم جنسا واحدا فقد حصل في جسد إبليس على مذاهبهم من النعمة ما حصل في جسد آدم صلى الله عليه و سلم وكذلك إن عنى عرضين فليس من عرض فعله في بدن آدم صلى الله عليه و سلم من لون أو حياة أو قوة أو غير ذلك إلا وقد فعل من جنسه عندهم في بدن إبليس وهذا يوجب أنه لا فضيلة لآدم صلى الله عليه و سلم على إبليس في ذلك والله تعالى إنما احتج على إبليس بذلك ليريه أن لآدم صلى الله عليه و سلم في ذلك الفضيلة فدل ما قلناه على أن الله عز و جل لما قال : ( خلقت بيدي ) لم يعن نعمتي . ويقال لهم : لم أنكرتم أن يكون الله تعالى عنى بقوله : ( بيدي ) يدين ليستا نعمتين ؟
فإن قالوا : لأن اليد إذا لم تكن نعمة لم تكن إلا جارحة . قيل لهم : ولم قضيتم أن اليد إذا لم تكن نعمة لم تكن إلا جارحة ؟ وإن رجعونا إلى شاهدنا أو إلى ما نجده فيما بيننا من الخلق فقالوا : اليد إذا لم تكن نعمة في الشاهد لم تكن إلا جارحة . قيل لهم : إن عملتم على الشاهد وقضيتم به على الله تعالى فكذلك لم نجد حيا من الخلق إلا جسما لحما ودما فاقضوا بذلك على الله - تعالى عن ذلك - وإلا كنتم لقولكم تاركين و لاعتلالكم ناقضين وإن أثبتم حياً لا كالأحياء منا فلم أنكرتم أن تكون اليدان اللتان أخبر الله تعالى عنهما يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا كالأيدي ؟
وكذلك يقال لهم : لم تجدوا مدبرا حكيما إلا إنسانا ثم أثبتم أن للدنيا مدبرا حكيما ليس كالإنسان وخالفتم الشاهد ونقضتم اعتلالكم فلا تمنعوا من إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين من أجل أن ذلك خلاف الشاهد فإن قالوا إذا أثبتم لله عز و جل يدين لقوله تعالى : ( لما خلقت بيدي ) فلم لا أثبتم له أيدي لقوله تعالى : ( مما عملت أيدينا ) ؟
قيل لهم : قد أجمعوا على بطلان قول من أثبت لله أيدي فلما أجمعوا على بطلان قول من قال ذلك وجب أن يكون الله تعالى ذكر أيدي ورجع إلى إثبات يدين لأن الدليل عنده دل على صحة الإجماع وإذا كان الإجماع صحيحا وجب أن يرجع من قوله أيدي إلى يدين لأن القرآن على ظاهره ولا يزول عن ظاهره إلا بحجة فوجدنا حجة أزلنا بها ذكر الأيدي عن الظاهر إلى ظاهر آخر ووجب أن يكون الظاهر الآخر على حقيقته لا يزول عنها إلا بحجة . فإن قال قائل : إذا ذكر الله عز و جل الأيدي وأراد يدين فما أنكرتم أن يذكر الأيدي ويريد يدا واحدة ؟ قيل له : ذكر تعالى أيدي وأراد يدين لأنهم أجمعوا على بطلان قول من قال أيدي كثيرة وقول من قال يدا واحدة فقلنا يدان لأن القرآن على ظاهره إلا أن تقوم حجة بأن يكون على خلاف الظاهر .
فإن قال قائل : ما أنكرتم أن يكون قوله تعالى : ( مما عملت أيدينا ) وقوله تعالى : ( لما خلقت بيدي على المجاز ؟ قيل له : حكم كلام الله تعالى أن يكون على ظاهره وحقيقته ولا يخرج الشيء عن ظاهره إلى المجاز إلا بحجة ألا ترون أنه إذا كان ظاهر الكلام العموم فإذا ورد بلفظ العموم والمراد به الخصوص فليس هو على حقيقة الظاهر وليس يجوز أن يعدل بما ظاهره العموم عن العموم بغير حجة كذلك قوله تعالى : ( لما خلقت بيدي ) على ظاهره أو حقيقته من إثبات اليدين ولا يجوز أن يعدل به عن ظاهر اليدين إلى ما ادعاه خصومنا إلا بحجة ولو جاز ذلك لجاز لمدع أن يدعي أن ما ظاهره العموم فهو على الخصوص وما ظاهره الخصوص فهو على العموم بغير حجة وإذا لم يجز هذا لمدعيه بغير برهان لم يجز لكم ما ادعيتموه أنه مجاز أن يكون مجازا بغير حجة بل واجب أن يكون قوله تعالى : ( لما خلقت بيدي ) إثبات يدين لله تعالى في الحقيقة غير نعمتين إذا كانت النعمتان لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول قائلهم : فعلت بيدي وهو يعني النعمتين" انتهى وليس وراء ذلك غاية .
وأما قوله : (( ولا مجئ وإتيان بمعني بر ولطف )) فلا شرع يعضده ولا لغة تنصره لا كما زعم فمن قال إن الإتيان والمجئ بمعني البر واللطف قال تعالى ( فأتى الله بنيانهم من القواعد ) وقال ( أتي أمر الله فلا تستعجلوه ) وقال فرعون ( ءاتوني بكل ساحر ) بمعني ( لطف الله ببنيانهم ) و ( لطف امر الله وبر فلا تستعجلوه ) و ( بروني والطفوا بي بكل ساحر ) ! هذا مم تأباه العقول والفطر .
وأما قوله ( ساق بمعني شدة ) فغير مسلم هكذا صنع بلفظة ساق فما يصنع بلفظة ( رجل ) فإن النار تستزيد الله تعالى قال النبي : ((حتى يضع تبارك وتعالى فيها رجله فتقول قط قط )) رواه مسلم والبخاري بلفظ ( قدمه ) أيقال يضع فيها شدته كما قيل في الساق مع أن الأول غير مسلم لك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((....فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقاى من كان يسجد لله رياء )) هذا لفظ البخاري .
هل يقولون : بيننا وبينه آية ( الشدة ) فيكشف عن شدته ؟! هذا تحقيق ابن الجوزي وأمثاله في مسائل التوحيد !
ذلكم التحقيق الذي لم يرتضه أحد من أئمة ذلك الشأن ولذا نقم عليه غير واحد منهم ؛قال ابن رجب في (( ذيل طبقات الحنابلة 1 / 372 )) ناقلاً عن ابن النجار قال : "ومنها ( أي المآخذ عليه ) وهو الذي من أجله نقم جماعة من مشايخ أصحابنا وأئمتهم من المقادسة والعلثيين- من ميله إلى التأويل في بعض كلامه، واشتد نكرهم عليه في ذلك. ولا ريب أن كلامه في ذلك مضطرب مختلف، وهو وإن كان مطلعًا على الأحاديث والآثار في هذا الباب، فلم يكن خبيرًا بحل شبهة المتكلمين، وبيان فِسادها. وكان معظمًا لأبي الوفاء بن عقيل يتابعه في أكثر ما يجد في كلامه وإن كان قد ورد عليه في بعض المسائل. وكان ابن عقيل بارعًا في الكلام، ولم يكن تام الخبرة بالحديث والآثار. فلهذا يضطرب في هذا الباب، وتتلون فيه آراؤه. وأبو الفرج تابع له في هذا التلون .
قال الشيخ موفق الدين المقدسي: كان ابن الجوزي إمام أهل عصره في الوعظ، وصنف في فنون العلم تصانيف حسنة. وكان صاحب قبول. وكان يدرس الفقه ويصنف فيه. وكان حافظًا للحديث. وصنف فيه، إلا أننا لم نرض تصانيفه في السنة، ولا طريقته فيها" انتهى
وقال الذهبي ( السير 21 / 381 ) : وكتب إلي أبو بكر بن طرخان : أخبرنا الامام موفق الدين، قال: ابن الجوزي إمام أهل عصره في الوعظ، وصنف في فنون العلم تصانيف حسنة، وكان صاحب فنون، كان يصنف في الفقه، ويدرس، وكان حافظا للحديث، إلا أننا لم نرض تصانيفه في السنة، ولا طريقته فيها، وكانت العامة يعظمونه، وكانت تنفلت منه في بعض الاوقات كلمات تنكر عليه في السنة، فيستفتي عليه فيها، ويضيق صدره من أجلها "اهـ
وقال السيف ( السير 21 / 383 ) : ما رأيت أحدا يعتمد عليه في دينه وعلمه وعقله راضيا عنه "اهـ
وقال : وقال جدي : كان أبو المظفر ابن حمدي ينكر على أبي الفرج كثيرا كلمات يخالف فيها السنة.اهـ وجده هو الموفق ابن قدامة .
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام :" قلت : ومع تبحر ابن الجوزي في العلوم وكثر اطلاعه وسعة دائرته ولم يكن مبرزا في علم من العلوم وذلك شأن كل من فرق نفسه في بحور العلم . ومع أنه كان مبرزا في التفسير والوعظ والتاريخ ومتوسطا في المذهب متوسطا في الحديث له اطلاع تام على متونه . وأما الكلام على صحيحه وسقيمه فما له فيه ذوق المحدثين ولا نقد الحفاظ المبرزين . فإنه كثير الاحتجاج الأحاديث الضعيفة مع كونه كثير السياق لتلك الأحاديث في الموضوعات . والتحقيق أنه لا ينبغي الاحتجاج بها ولا ذكرها في الموضوعات وربما ذكر في الموضوعات أحاديث حسانا قوية "اهـ
قلت : وهو بالضعف في أمر المعتقد أولى .وقال أيضاً :" قلت : وكلامه في السنة مضطرب تراه في وقت سنياً وفي وقت متجهماً محرفاً للنصوص والله يرحمه يغفر له "اهـ
ثم إن ابن الجوزي هو القائل ( سير أعلام النبلاء 21 / 376 ):" أهل الكلام يقولون: ما في السماء رب، ولا في المصحف قرآن، ولا في القبر نبي، ثلاث عورات لكم " اهـ وهذا كله إنما رمي به الأشاعرة !
ثم اعلم أن دندنة اولئك بحكاية أن السلف امروها كما جاءت مع اعتقادهم نفي الظاهر المتبادر فيه حق وباطل ؛ قال شيخ الإسلام [ الفتوى الحموية 159 – 160 ] : ((واعلم أن من المتأخرين من يقول مذهب السلف إقرارها على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد وهذا اللفظ مجمل فإن قوله ظاهرها غير مراد يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين مثل أن يراد بكون الله قبل وجه المصلى أنه مستقر فى الحائط الذى يصلى إليه وأن الله معنا ظاهره أنه الى جانبنا ونحو ذلك فلا شك أن هذا غير مراد .
ومن قال إن مذهب السلف أن هذا غير مراد فقد أصاب فى المعنى لكن أخطأ بإطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات والاحاديث فان هذا المحال ليس هو الظاهر على ما قد بيناه فى غير هذا الموضع اللهم الا أن يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس فيكون القائل لذلك مصيباً بهذا الاعتبار معذوراً فى هذا الإطلاق فإن الظهور والبطون قد يختلف باختلاف أحوال الناس وهو من الأمور النسبية وكان أحسن من هذا أن يبين لمن اعتقد أن هذا هو الظاهر أن هذا ليس هو الظاهر حتى يكون قد أعطى كلام الله وكلام رسوله حقه لفظاً ومعنى وإن كان الناقل عن السلف أراد بقوله الظاهر غير مراد عندهم أن المعانى التى تظهر من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته ولا يختص بصفة المخلوقين بل هى واجبة لله أو جائزة عليه جوازاً ذهنياً أو جوازاً خارجياً غير مراد فهذا قد أخطأ فيما نقله عن السلف أو تعمد الكذب فما يمكن أحد قط أن ينقل عن واحد من السلف ما يدل لا نصاً ولا ظاهراً أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش ولا أن الله ليس له سمع ولا بصر ولا يد حقيقة )) انتهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق