حرف الأَلِفِ ( الهَمْزَةِ )
من معجم الألفاظ العلمية عن ابن تيمية
بقلم/ وليد الأموي
يخرج تباعا
- قال ابن أم قاسم في حد الحرف : " قال بعض
النحويين: لا يحتاج في الحقيقة إلى حد الحرف، لأنه كلم محصورة. وليس كما قال. بل
هو مما لابد منه، ولا يستغنى عنه، ليرجع عند الإشكال إليه، ويحكم عند الاختلاف
بحرفية ما صدق الحد عليه.
وقد
حد بحدود كثيرة. ومن أحسنها قول بعضهم: الحرف كلمة تدل على معنى، في غيرها، فقط.
فقوله كلمة جنس يشمل الاسم والفعل والحرف. وعلم من تصدير الحد به أن ما ليس بكلمة
فليس بحرف: كهمزتي النقل والوصل، وياء التصغير. فهذه من حروف الهجاء، لا من حروف
المعاني. فإنها ليست بكلمات بل هي أبعاض كلمات. وهذا أولى من تصدير الحد ب ما،
إبهامها.
واعترض
بأن تصدير حد الحرف بالكلمة لا يصح، من جهة أنه يخرج عنه، من الحروف، ما هو أكثر
من كلمة واحدة، نحو: إنما وكأنما. والجواب أنه ليس في الحروف ما هو أكثر من كلمة
واحدة. وأما نحو: إنما وكأنما، مما هو كلمتان، فهو حرفان، لا حرف واحد، بخلاف نحو
كأن مما صيره التركيب كلمة واحدة، فهو حرف واحد.
وقوله
تدل على معنى في غيرها فصل، يخرج به الفعل، وأكثر الأسماء، لأن الفعل لا يدل على
معنى في غيره. وكذلك أكثر الأسماء.
وقوله
فقط فصل ثان، يخرج به من الأسماء، ما يدل على معنى في غيره، ومعنى في نفسه. فإن
الأسماء قسمان: قسم يدل على معنى في نفسه، ولا يدل على معنى في غيره، وهو الأكثر.
وقسم يدل على معنيين: معنى في نفسه، ومعنى في غيره: كأسماء الاستفهام، والشرط. فإن
كل واحد منها يدل، بسبب تضمنه معنى الحرف، على معنى في غيره، مع دلالته على المعنى
الذي وضع له. فإذا قلت مثلاً: من يقم أقم معه، فقد دلت من على شخص عاقل بالوضع،
ودلت مع ذلك على ارتباط جملة الجزاء بجملة الشرط، لتضمنها معنى إن الشرطية. فلذلك
زيد في الحد فقط، ليخرج به هذا القسم.
واعترض
الفارسي قول من حد الحرف بأنه ما دل على معنى في غيره بالحروف الزائدة، نحو ما في
قولهم: إنك ما وخيراً، لأنها لا تدل على معنى في غيرها. وأجيب بأن الحروف الزائدة
تفيد فضل تأكيد وبيان، للكثرة، بسبب تكثير اللفظ بها. وقوة اللفظ مؤذنة بقوة
المعنى، وهذا معنى لا يتحصل إلا مع كلام.
فإن
قيل: ما معنى قولهم الحرف يدل على معنى في غيره فالجواب: معنى ذلك أن دلالة الحرف
على معناه الإفرادي متوقفة على ذكر متعلقه، بخلاف الاسم والفعل. فإن دلالة كل
منهما، على معناه الإفرادي، غير متوقفة على ذكر متعلق؛ ألا ترى أنك إذا قلت الغلام
فهم منه التعريف. ولو قلت أل مفردة لم يفهم منه معنى. فإذا قرن بالاسم أفاد
التعريف. وكذلك باء الجر فإنها لا تدل على الإلصاق، حتى تضاف إلى الاسم الذي
بعدها، لأنه يتحصل منها مفردة. وكذلك القول في سائر الحروف.
وقال
السيرافي: المراد من قولنا في الاسم والفعل إنه يدل على معنى في نفسه أن تصور
معناه في الذهن غير متوقف على خارج عنه؛ ألا ترى أنك إذا قلت: ما الإنسان؟ فقيل
لك: حي ناطق، وإذا قلت: ما معنى ضرب؟ فقيل لك: ضرب في زمان ماض أدركت المعنيين
باللفظ المذكور في التفسير . وقولنا في الحرف يدل على معنى في غيره، نعني به أن
تصور معناه متوقف على خارج عنه: ألا ترى أنك إذا قلت: ما معنى من، فقيل لك:
التبعيض، وخليت وهذا، لم تفهم معنى من إلا بعد تقدم معرفتك بالجزء والكل، لأن
التبعيص أخذ جزء من كل.
وقد
قيل غير ذلك، ممالا حاجة هنا إلى ذكره " انتهى
قلت
: أما مسألة ضرورة الحد في تعريف الحرف فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية :" وكذلك
النحاة مثل سيبويه الذى ليس فى العالم مثل كتابه وفيه حكمة لسان العرب لم يتكلف
فيه حد الاسم والفاعل ونحو ذلك كما فعل غيره ولما تكلف النحاةحد الاسم ذكروا حدودا
كثيرة كلها مطعون فيها عندهم وكذلك ما تكلف متاخروهم من حد الفاعل والمبتدا والخبر
نحو ذلك لم يدخل فيها عندهم من هوامام فى الصناعة ولا حاذق فيها " [ مجموع
الفتاوي ( نقض المنطق ) 9 / 46 ] .
وقوله
في حد الحرف بأنه كلمة تدل علي معني خلاف اختيار شيخ الإسلام من وجهين أولهما : أن
الكلمة لا تطلق إلا علي الجملة المفيدة . والآخر : أن الاسم يطلق عليه لفظ ( الحرف
) في اللغة قال – رحمه الله - : " ثم إن الآخرين جعلوا أن الكلمة اسم جنس
لهذه الانواع ولفظ الكلمة لا يوجد في لغة العرب إلا اسماً لجملة تامة اسمية أو
فعلية كقول النبي ( صلي الله عليه وسلم ) } كلمتان حفيفتان على اللسان حبيبتان الى الرحمن ثقيلتان في الميزان
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم {وقوله ]اصدق كلمة قالها شاعر
كلمة لبيد ألا كل شئ ما خلا الله باطل [وقوله في
النساء ]أخذتموهن
بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله [ومنه قوله
تعالى ]وجعل كلمة
الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا [وقوله
تعالى ]وينذر الذين
قالوا اتخد الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن
يقولون إلا كذبا [ ومثل هذا كثير في كلام العرب وبعض متأخرى النحاة
لما سمع بعض هذا قال وقد يراد بالكلام الكلمة وليس الأمر كما زعمه بل لا يوجد في
كلام العرب لفظ الكلمة إلا للجملة التامة التي هي كلام ولا تطلق العرب لفظ كلمة
ولا كلام إلا على جملة تامة ولهذا ذكر سيبويه أنهم يحكون بالقول ما كان كلاماً ولا
يحكون به ما كان قولاً [ كتاب سيبويه 1 / 122 قال سيبويه : واعلم أنّ قلتُ إنّما
وقعتْ فى الكلام العرب على أن يُحْكى بها وإنما تَحْكِى بعد القول ما كان كلاماً
لا قول نحو قلتُ زيدٌ منطلقٌ لأنه يَحسن أن تقول زيدٌ منطلقٌ ولا تدخل قلت . وما
لم يكن هكذا أسقط القول عنه . وتقول قال زيدٌ إنّ عمراً خيرُ الناس . وتصديق ذلك
قوله جل ثناؤه ! } وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك { ولولا ذلك لقال أَنّ الله .انتهى ] وأما تسمية الاسم وحده
كلمة والفعل وحده كلمة والحرف وحده كلمة مثل هل وبل فهذا اصطلاح محض لبعض النحاة
ليس هذا من لغة العرب اصلاً وانما تسمى العرب هذه المفردات حروفاً ومنه قول النبي
صلي الله عليه وسلم - من قرأ القران فله بكل حرف عشر حسنات اما اني لا اقول الم
حرف ولكن الف حرف ولام حرف وميم حرف والذي عليه محققوا العلماء أن المراد بالحرف
الاسم وحده والفعل حرف المعنى لقوله ألف حرف وهذا اسم .
ولهذا لما
سأل الخليل أصحابه عن النطق بالزاء من زيد فقالوا زا فقال نطقتم بالاسم وانما
الحرف زه ومنه قول ابي الاسود الدولي وذكر له لفظه من الغريب وقال هذا حرف لم
يبلغك فقال كل حرف لم يبلغ عمك فافعل به كذا ولهذا ذكر سيبويه في اول كتابه
التقسيم الى اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل فجعل الفصل من النوع الثالث
انه حرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل فميزه بقوله جاء لمعنى عن حروف الهجاء مثل الف
با تا فان هذه حروف هجاء وهذه الالفاظ اسماء تعرب اذا عقدت وركبت ولكن اذا نطق بها
قبل التركيب نطق بها ساكنة كما ينطق بأسماء العدد قبل التركيب والعقد فيقال واحد
اثنان ثلاثة ولهذا يعلم الصبيان في اول الامر اسما الحروف المفردة ا ب ت ث ثم
المركبة وهو ابجد هوز حطي ويعلمون اسماء الاعداد واحد اثنان ثلاث " [ الرد
علي المنطقيين : 130 ] .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق