محاكمة قلب

 محاكمة قلب

وقفت العين والأذن وسائر الجوارح والعواطف أمام سور مملكة (النفس والجسد) وقوف أسف في وداع العقل الذي عزم على السفر في رحلة بحثية فوق الغمام .....

لم يجد العقل من يجعله نائبا بعده في حكم المملكة غير القلب لأن أشد الرعية طهارة وقدسية وأبعدها عن التكلف والخيانة .....

قلد العقل هذا القلب تاج الملك وعهد إليه بالقيام بحقوق النفس والجسد حتى عودة العقل واحتضن نائبه بحرارة ثم ودع المملكة ورحل !

استقر الملك للقلب على سائر الجوارح والعواطف في مملكة (النفس والجسد) ولم تطل الأيام كثيرا حتى وقع القلب في الحب الذي حذره منه العقل كثيرا وأخذ عليه العهد بألا يقع فيه .......

أخذ القلب يسخر سائر الرعية لخدمة ذلك الحب فكلف العين بالسهر والنظر في مواضع محبوبه !

وكلف الأذن بسماع محبوبه ومن يتحدث عنه !

وألزم الأفكار بالشغل في وصف محبوبه ....

ووكل إلى جميع الجوارح والعواطف كتابة الشعر في محبوبه ووصف الشوق والوصل والهجران.....

ولم يكتف بذلك بل وأخرج (الهوى) و(الاماني) من سجن الظلمات وهما محكوم عليها بالسجن الأبدي من قبل العقل وجعلهما مستشاريه ......

قفل العقل عائدا من رحلته واستقر به سفره على باب مملكته ولكنه أنكرها وظن أنه ضل طريقه وعزم على العودة لولا أن بعض رعاياه تعرفوا عليه .....

وبعد انعقاد الديوان ضجت جميع المشاعر والجوارح والعواطف تشكو القلب الذي أرهقها في حبه وحملها ما لا تطيق ...!

وأطلعوا العقل على فعلة القلب وأنه جعل الهوى والأماني مستشاريه !

شهدت جميع الرعية ضد القلب واتهمته بالسفه والضلال .....!

فلم يجد القلب ما يدافع به عن نفسه فقام العقل في الرعية حاكما وقاضيا وقال:
يحكم العقل بإرجاع الهوى والأماني إلى سجنهما ، ويحكم بخروج القلب من المملكة ويقيد في حبه ويلف عليه لفافة الشوق ويمهل ثلاثة أيام ليلملم فيها ذكرياته من المملكة ..............

(مختصر لمسرحية (محاكمة قلب) بقلمي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق