أحمد بن حنبل بين متعالمين



أحمد بن حنبل بين متعالمين
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فقد قال الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك باني جامع دمشق  ([1]):" لولا أن الله، عز وجل، قص علينا خبر لوط، ما ظننت أن ذكرًا يعلو ذكرًا "اهـ
قلت : ما ظننت أن رجلاً عالماً مبرزاً يجهل تاريخ وفاة الإمام الرباني والصديق الثاني أحمد بن حنبل ( 164 – 241 ) ، أو يجهل تاريخ مولد الإمام المعظم محمد بن إدريس الشافعي ( 150 – 204 ) لولا أني رأيت أمرين عجيبين :
أولهما : من قبل صاحب كتاب ( نفحات الأنس من حضرات القدس )([2]) وهو أبو البركات عبد الرحمن بن بن أحمد بن محمد الخرجردي الجامي([3]) الصوفي النقشبندي شارح كافية ابن الحاجب وصاحب التصانيف الكثيرة ، المولود سنة 817 والمتوفى سنة 898 بهراة لما قال في كتابه المذكور آنفاً في ترجمة بشر بن الحارث الحافي([4]) :"...ومات بها يوم الأربعاء العاشر من المحرم ، سنة سبع وعشرين ، قبل أحمد بن حنبل بسبع سنين )اهـ
قلت : وعليه فإن أحمد بن حنبل يكون قد مات سنة 233 أو 234  على أبعد التقديرين .
وقال في ترجمة الحارث بن أسد المحاسبي([5]) :" أصله من البصرة ، لكن مات في بغداد سنة ثلاث وأربعين ومائتين ، بعد أحمد بن حنبل بعشر سنين ) اهـ
قلت : وعليه يكون أحمد بن حنبل قد مات سنة 233  !
وثانيهما : من قبل أبي محمد الجويني عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه الجويني، ثم النيسابوري، ضياء الدين ، الشافعي الفقيه الملقب والد إمام الحرمين ( 000 – 438 ) حيث قال([6]) :(( أَلَا تَرَى أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْهُ ( يعني الشافعي) ، وَكَانَ مُتَقَدِّمًا فِي الْعِلْمِ ، وَكَانَ يَأْخُذُ بِرِكَابِهِ فَيَتْبَعُهُ ، وَيَتَعَلَّمُ مِنْهُ ))اهـ
قلت : وعليه يكون الشافعي بحساب الجويني قد ولد بعد سنة ولادته بأربع عشرة سنة !
ثم قال صاحب البحر المحيط بعد نقله :" وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْ الشَّافِعِيِّ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً "اهـ
هذا ، وإن تعش تر العجب !
والله الموفق




[1]  -  تفسير ابن كثير ، ج 3 ص 445 ، طبعة دار طيبة للطباعة والنشر ، الطبعة الثانية ، سنة 1420هـ .
[2]  -  كتاب مشهور طبع بعناية الأزهر الشريف ! ، طبعة دار التراث العربي كما هو على طرته عام 1409 ، شرح فيه مؤلفه أصول مذهب التصوف ثم ترجم لكبار شخصياته على مر العصور ، ويعد مرتعاً خصباً لأقوال أبي إسماعيل الهروي في ذلك الباب حيث أكثر المصنف من النقل عنه جداً . وقد ألفه بالفارسية ونقله من الفارسية إلى العربية تاج الدين محمد بن زكريا بن سلطان العبشمي الأموي .
[3]  - للتوسع في ترجمته ، انظر شذرات الذهب 7 / 360 ، و البدر الطالع 1 / 327 ، و الجامي عصره وحياته للأستاذ عبد العزيز مصطفي محمد . قال الشوكاني عنه في بدره :" اشتغل بالعلوم أكمل اشتغال حتى برع فى جميع المعارف ثم صحب مشايخ الصوفية فنال من ذلك حظاً وافراً "اهـ
[4]  -  نفحات الأنس ، ص : 133 .
[5]  - نفحات الأنس ، ص : 145 .
[6]  -  البحر المحيط للزركشي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق