مختصر الروضة البهية
فيما بين الأشاعرة والماتريدية
لخصها
وليد بن حسني بن
بدوي بن محمد الأموي
عفي عنه
مقدمة
بسم
الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما
بعد:
فهذا
تلخيص لرسالة الحسن بن عبد المحسن المشهور بأبي عذبة المسماة( الروضة البهية فيما
بين الأشاعرة والماتريدية) التي أوضح فيها مسائل الخلاف بين تينك الفرقتين في
مسائل أصول الدين، وفرغ منها سنة 1172 وطبعت بمطبعة حيدر آباد الدكن سنة 1322 في
88 ورقة، لخصتها في هذه الوريقات القليلة ولم أتطرق لشرح المسائل على نحو التوسع
والإسهاب ولم أشترط كذلك إيراد كلام أهل السنة والجماعة أهل الحديث في هذه المسائل
التي تنازع فيها أهل الفرقتين المبتدعتين الأشاعرة والماتريدية التماسًا للإيجاز،
والله حسبي ونعم الوكيل.
المسألة
|
الأشاعرة
|
الماتريدية
|
المسائل
|
الآتية الخلاف فيها لفظي
|
وليس معنويًا على ما ذكر المصنف
|
الاستثناء
في الإيمان
|
اختار
أبو الحسن الأشعري الاستثناء في الإيمان موافقًا في ذلك أهل الحديث.
ولهم
في إثبات ذلك عدة مسالك -رغم قولهم بأن الإيمان هو التصديق ويورد عليه أن تعليق
التصديق على المشيئة ممتنع المناسبة – منها: عدم دراية الخاتمة فلا يدري المء
أيختم له بالإيمان أو عدمه، وكذلك للتبرك باسم الله، والأثر وغيره.
والأشاعرة
يستثنون غير شاكين.
|
اختار
أبو حنيفة وتابعه الماتريدية ومنهم شيخهم أبو منصور عدم الاستثناء في الإيمان.
ونقل
عن أبي حنيفة أنه قال: المؤمن مؤمن حقًا، والكافر كافر فلا شك في الإيمان كما لا
شك في الكفر.
|
السعيد
هل يشقى والشقي هل يسعد أم لا؟
|
منع
الأشعري كون السعيد شقيًا والشقي سعيدًا .
وقال:
إن السعادة والشقاوة مكتوبة على بني آدم لا تتبدل.
نعم،
قد يعمل الشقي بعمل أهل السعادة فيسبق عليه الكتاب فيشقى، والعكس.
|
واجاز
أبو حنيفة أن يسعد الشقي ويشقى السعيد وقال إن السعادة والشقاوة المكتوبة في
اللوح المحفوظ تتبدل.
وفسروا
ذلك بكلام الأشعري السابق فقالوا إن الذي يعمل بعمل السعداء فيسبق عليه الكتاب
كانت مكتوبة عليه الشقاوة أولًا ثم كتبت له السعادة، والعكس فيمن عمل بالسعادة
أولًا ثم شقي.
ومن
الناس من كتبت له السعادة ابتداء وانتهاء أو كتبت عليه الشقاوة ابتداء وانتهاء.
وتفصيلهم
هذا لا نفع فيه ما داموا مقرين أن الله كتب لكل امرئ خاتمته سعادة كانت أو
شقاوة.
ووازعهم
على ذلك ، ما حكاه بعضهم في قوله: إننا لو قلنا إن الشقي لا يصير سعيدًا لأدى
ذلك إلى إبطال الكتب وإرسال الرسل.
|
الكافر
يُنعَم عليه أم لا؟
|
الكافر
لا ينعم عليه لا في الدنيا ولا في الآخرة.
قال
الأشعرى نِعَم الدنيا في حقيقتها نقم ؛ لأنها استدراج فهي كالطعام المسموم.
|
نقل
صاحب الروضة عن القاضي أبي بكر أنه أنعم عليه في الدنيا دون الآخرة.
ونقل
عن القدرية القول بأنه أنعم عليه دنيويًا ودينيًا ، ونعمة الدين: القدرة على
النظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى.
ولم
يذكر عن الماتريدية شيئًا.
|
الرسالة
والنبوة تبقيان بعد موت الأنبياء والرسل أم لا؟
|
نقل
عن الشيخ أبي الحسن الأشعري أنه ذهب إلى أن الرسول يثبت له حكم الرسالة الآن
حقيقة وحكم الشيء يقوم مقامه.
والأكثرون
على نفي نسبة ذلك إلى الأشعري.
|
قال
أبو حنيفة: إن الرسول رسول الآن حقيقة.
ونقل
صاحب الروضة عن الكرامية أنهم قالوا لا تثبت الرسالة ولا النبوة بعد موت الرسل
والأنبياء لأنها عرض والعرض لا يبقى زمانين.
ولأن
النبي صلى الله عليه وسلم آخر الرسل فلو بقيت بعده الرسالة لغيره من الرسل ثابتة
لخولف ذلك.
قلت:
وهذا غلط، لأن بقاء رسالات الرسل من قبله ثابتة لا يعني تجدد رسالة بعده فلا
يخالف أنه خاتم الرسل كما لو قلت: إن زيدًا آخر أهل الكرم ثم أثبتَّ لحاتم
الطائي الكرم وهو قبل زيد فلا يعني ذلك أن حاتمًا متأخر عن زيد أو أنك أثبت
الكرم لأحد بعد زيد.
|
الإرادة
ملزومة للرضى أم لا؟
|
قال
الأشعري: إن الإرادة والرضا لا يتلازمان، فالله يريد الكفر ولا يرضاه.
|
قال
أبو حنيفة: الإرادة والرضا أمران متحدان.
ونقل
عنه خلاف ذلك. والظاهر أن الأول مكذوب.
لأن
الأشاعرة والماتريدية متفقون على أن كل واقع في الكون مراد، ومنه ما هو خير ومنه
ما هو شر كالإيمان والكفر. والله يرضى بالإيمان ولا يرضى بالكفر.
قال
صاحب الروضة: والتحقيق أن الإرادة صفة واحدة يختلف حكمها باختلاف وجه تعلقها
بالمراد فإذا تعلقت بالثواب سميت محبة ورضى وإذا تعلقت بالعقاب سميت سخطًا
وغضبًا.
قلت:
وهذا باطل لأنه ثمت فرق بين الإرادة والمحبة والغضب، كل صفة مستقلة.
والمصنف
يجعل الإرادة مشتملة على المحبة والغضب باعتبار المتعلق.
|
إيمان
المقلد يصح أو لا؟
|
نقل
عن الأشعري قول بعدم صحة إيمانه. وقيل: هو مفترى عليه مكذوب.
ونقل
عن بعض الأشاعرة القول بعدم صحة إيمانه لأنه لا تقليد في الأصول.
وقال
بعضهم: هو آثم بتقليده مع صحة إيمانه.
|
وقال
أبو حنيفة: المقلد صحيح الإيمان.
وذلك
لأن الإيمان عنده عفا الله عنه: قول باللسان وتصديق بالجنان، فإن صدق بقلبه وقال
بلسانه فقد آمن.
وقال
المعتزلة عليهم غضب الله: من لم يعرف كل مسألة بدلالة العقل على وجه يمكنه به
دفع الشبهة لا يكون مؤمنًا.
|
مسألة
الكسب
|
الكسب
هو تعلق القدرة الحادثة بالمقدور في محلها من غير تأثير.
قال
بعض أصحاب الأشعري: العبد إذا صمم عزمه على الفعل خلق له عندئذ بقدرة الله
تعالى.
|
قال
النسفي : صرف القدرة إلى أحد المقدورين.
وذلك
بمعنى: أن قدرة الله تتعلق بأصل الفعل وقدرة العبد تتعلق بوصفه، مثال ذلك: قدرة
الله تتعلق بحركة اليد لصفع يتيم، وقدرة العبد تتعلق بها في كونها لطمة تعذيب أو
لطمة تأديب.
|
المسائل
|
الآتية الخلاف فيها معنوي
|
وليس لفظيًا على ما ذكر المصنف
|
هل
يجوز على الله تعالى أن يعذب المطيع أم لا؟
|
اتفقت
الفرقتان على عدم جوازه شرعًا، وقال الأشعري بجوزاه عقلًا.
(
لم يجوزه شرعًا لورود الخبر الصادق بعدم جواز وقوع ذلك)
ونقل
أبو القاسم القشيري أن هذا من المفتريات على الأشعري، وأن أصل الخلاف كائن بين
الأشعري والمعتزلة وقول الأشعري أن الله لا يجب عليه شيء.
وقالت
المعتزلة : سجب عليه فعل الأصلح.
|
ذهب
أبو حنيفة والماتريدية إلى عدم جوازه لا شرعًا ولا عقلًا.
|
معرفة
الله واجبة بالشرع أم بالعقل؟
|
واجبة
الشرع، قاله الأشعري.
|
واجبة
بالعقل، قاله الماتريدي.
|
صفات
الأفعال قديمة أو حادثة؟
|
قال
الأشعري بأنها حادثة.
وأصل
الخلاف بين الفرقتين في اعتبار الآثار، فالأشعري يقول إن الله خالق ورازق منذ
الأزل بمعنى قادر على التخليق وقادر على الترزيق.
ومذهب
الأشاعرة أن القدرة قديمة، وتعلق القدرة بالرزق يسمة ترزيقًا وهو حادث وليس من
الصفات النفسية.
فمبدأ
الايجاد عندهم هو القدرة والإرادة.
|
قال
الماتريدية بأنها قديمة.
قالوا:
الله مكون للعالم، ويستحيل أن تكون صفة التكوين حادثة لامتناع قيام الحوادث بذات
الله فوجب أن تكون صفات الأفعال قديمة.
ومبدأ
الايجاد عندهم هو صفة نفسية يسمونها التكوين الأزلية ومعها الإرادة.
(قلت):
والخلاف ظاهره أنه لفظي، فما صنعت الماتريدية شيئًا غير أنها سمت القدرة المتعلقة بالمقدور تكوينًا وجعلته صفة
قديمة.
وهي
بذلك أقرب إلى السنة من الأشعرية.
ومذهب
أهل الحق أن صفات الله الفعلية قديمة النوع حادثة الآحاد.
|
كلام
الله هل يجوز أن يسمع أو لا؟
|
كلام
الله النفسي عندهم يجوز أن يسمع ، لأن كل موجود يجوز ان يراد يصح أن يسمع.
قال
بعضهم عند قراءة القاري: يسمع كلام الله، وصوت القاري.
وقال
الباقلاني: كلامه ليس مسموعًا على العادة الجارية بل يسمع صوت القاري، ومن
الجائز أن يسمع على قلب العادة الجارية أي على خلافها كما سمع موسى عليه السلام.
قلت:
وهذا أقرب إلى الحق، مع بعده في العقل عند من جوز الكلام النفسي.
ومذهب
أهل الحق: أن الله يتكلم بحرف وصوت.
|
لا
يجوز أن يسمع.
وهذا
أقرب إلى العقل عند من جوز الكلام النفسي.
وقالوا:
إن موسى سمع صوتًا دالًا على كلام الله تعالى، لم يسمع كلام الله نفسه.
|
تكليف
ما لا يطاق
|
يجوز
تكليف ما لا يطاق.
لأن
الغرض من التكليف بالمحال الإتيان به، والله منزه عن الأغراض .
ولأنه
لو لم يجز التكليف بالمحال لما صحت الاستعاذة منه في قوله تعالى( ربنا ولا
تحملنا ما لا طاقة لنا به).
ولأن
الله أمر فرعون بالإيمان مع علمه بعدم
إيمانه. وكذلك أبو لهب عليه اللعنة.
وشكك
صاحب الروضة في ان يكون ذلك المذهب من كلام الأشعري !!
|
لا
يجوز تكليف ما لا يطاق.
قال
تعالى( لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها) وأجابت الأشعرية: بأن الآية تدل على عدم
الوقوع لا عدم الجواز.
وقال
الماتريدية: تكليف ما لا يطاق خارج عن الحكمة كتكليف الأعمى بالنظر والزمن
بالمشي.
وأجابت
الأشعرية: هذا مبني على قاعدة التحسين والتقبيح.
واجابت
الماتريدية عن قولهم في مسالة فرعون وأبي لهب: بأن الله لم يكلفهما ما لا يطاق
بل إيمانهما جائز في نفسه إنما هو ممتنع بغيره وهو تعلق علم الله تعالى بعدم
إيمانهما.
وذهب
إلى ذلك من الأشاعرة: أبو حامد الغزالي، وأبو محمد الاسفرائيني، وابن دقيق العيد
القوصي.
|
عصمة
الأنبياء عن الكبائر والصغائر
|
أصحاب
الأشعري منعوا الكبائر مطلقصا وجوزوا عليهم الصغائر سهوًا.
وبعضهم
لم يقيدها بالسهو.
وبعضهم
منعها مطلقًا.
|
ذهب
أبو حنيفة واتباعه إلى امتناع الكبائر والصغائر مطلقًا.
وقيد
بعض أصحابه ذلك: بقوله( بعد الوحي)، وأما قبل الوحي فتجوز عليهم الصغائر على
سبيل الندرة.
|
الاسم
والمسمى
|
مذهب
الأشعري ان اسم كل شيء ذاته إذا لم يكن هو التسمية لأن أسماء الله تعالى عنده
أضرب منها : ما هو المسمى كشيئ وموجود، ومنها : ما يرجع إلى صفة لذاته كعليم
وحي.
وقال
القاضي أبو بكر: إن الاسم قدي كون همو السمى وقد يكون هو التسمية وقد لا يكون
هذا ولا غيره.
وهي
الأول: الشيء، وعلى الثاني: صفات الأفعال كالخالق والرازق. وعلى الثالث: العلم
والحي.
|
لم
يذكر قولهم.
|
الإيمان
مخلوق أم غير مخلوق؟
|
الإيمان
الذي يدل عليه اسم الله تعالى(المؤمن) غير مخلوق، والإيمان الذي هو فعل العبد كسبي
مخلوق.
والخلاف
كما سياتي على قول صاحب الروضة لفظي.
|
كفر
بعضهم من قال بخلق الإيمان وألزموه بخلق كلام الله تعالى.
وعند
أهل سمرقند: الإيمان مخلوق. وعند البخاريين غير مخلوق.
وجميعهم
متفقون ان أفعال العباد مخلوقة.
وقال
أبو حنيفة: نقر بان العبد مع جميع أعماله وإقراره ومعرفته مخلوق.
|
تمت بحمد
الله تعالى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق