[
1 ]
ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ
رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ( البقرة – 2 )
ذلك : اسم إشارة ثلاثي
الوضع لفظاً خلافاً للكوفيين والسهيلي القائلين بأنه أحادي وأن الألف ليست منه .
قال أبو البقاء : لا يوجد اسم أحادي ليقاس عليه ذلك .
وله بحسب إشارته ثلاث مراتب :
وله بحسب إشارته ثلاث مراتب :
الأولى : ذا ، للقريب .
الثانية : ذاك ، للتوسط
.
الثالثة : ذلك ، للبعيد
.
فإن قيل كيف يشار للقرآن بالبعد ؟ هذا أولاً ،
ثم كيف يوفق بين الإشارة بالبعد في هذه الآية وبين الإشارة بالقرب إليه في غيرها
نحو قوله :" إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ " ؟
قال العلامة الشنقيطي :" وللجمع بين هذه
الآيات أوجه:
-الأول: ما حرره بعض علماء البلاغة من أن وجه
الإشارة إليه بإشارة الحاضر القريب أن هذا القرآن قريب حاضر في الأسماع والألسنة
والقلوب, ووجه الإشارة إليه بإشارة البعيد هو بعد مكانته ومنزلته عن مشابهة كلام
الخلق وعما يزعمه الكفار من أنه سحر أو شعر أو كهانة أو أساطير الأولين .
- الوجه الثاني: هو ما اختاره ابن جرير الطبري
في تفسيره من أن ذلك إشارة إلى ما تضمنه قوله: {الم} وأنه إشارة إليه إشارة البعيد
لأن الكلام المشار إليه منقض ومعناه في الحقيقة القرب لقرب انقضائه وضرب له مثلاً
بالرجل يحدث الرجل فيقول له مرة: والله إن ذلك لكما قلت, ومرة يقول: والله إن هذا
لكما قلت, فإشارة البعيد نظراً إلى أن الكلام مضى وانقضى وإشارة القريب نظراً إلى
قرب انقضائه.
-الوجه الثالث: أن العرب ربما أشارت إلى القريب
إشارة البعيد فتكون الآية على أسلوب من أساليب اللغة العربية ونظيره قول خفاف ابن
ندبة السلمي لما قتل مالك بن حرملة الفزارى:
فعمدا على عيني تيممت مالكا
فإن تك خيلى قد أصيب صميمها
تأمل خفافاً إنني أنا ذلكا
أقول له والرمح يأطر متنه
يعني : أنا هذا . وهذا
القول الأخير حكاه البخارى عن معمر بن المثنى أبي عبيدة قاله ابن كثير.
وعلى كل حال فعامة
المفسرين على أن ذلك الكتاب بمعنى هذا الكتاب " انتهى من دفع الإيهام .
قلت : والأول أقرب ،
والله أعلم .
[ 2 ]
أما عن الإعراب :
فذا : اسم إشارة في محل
رفع مبتدأ ، و ( لا ريب فيه ) خبره . والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب .
أو في محل رفع خبر على
قول الفراء وقد سبق .
واللام في ذلك : حرف دال
على البعد . وقيل : هو بدل من ( ها )
والكاف : حرف لبيان درجة
المخاطب من الإفراد والتثنية والجمع أو التذكير والتأنيث كذلك وهنا للمفرد المذكر
.
الكتاب : إما خبر لذلك
أو عطف بيان له . قولان مقبولان .
لا ريب فيه : مر كونها
خبراً عند من أعر ب( الكتاب ) عطف بيان أما من أعرب الكتاب عطف بيان فعنده هذ
الجملة حال .
( لا ريب فيه ) : ريب مبني
( عند من قال ببنائه ) على الفتح في محل نصب اسم لا النافية للجنس . فيه : متعلق بمحذوف تقديره كائن أو واقع .
هدى : حال من الكتاب .
والمعنى : ذلك الكتاب ....هادياً للمتقين .
( للمتقين ) : نعت لهدى
، وهو شبه جملة .
هذا عند الوقف على فيه .
أما إذا وقفت على ( ريب
) : فهدى مبتدأ مؤخر و( فيه ) خبره المقدم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق