
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً
كثيراً،
أما بعد:
فهذه
مقدمة يسيرة في علم([3]) أصول النحو تعين من رام الوصول فمن حرم
الأصول حرم الوصول، قليلة المبنى، عظيمة المعنى، حاوية إن شاء الله لما وضعت له
معينة بفضل الله من أراد أن يبتدئ([4]) في دراسة علم أصول النحو ويعرف أيضاً بفقه
اللغة.
وهي بمثابة تهذيب([5]) لكتاب الاقتراح للسيوطي مع زيادة الشرح السهل، وقد قسمتها إلي نصوص وهي بمثابة عصارة العلم المستخلصة من كتب أهل
الفن، وشروح ميسرة لتلك النصوص ليسهل فهمها وضبطها باباً باباً نصوصا وشروحاً
محتوية للفن مزبورة علي المشهور !!
والله المستعان وعليه التكلان في كل زمان .
علوم اللغة :
مختلف
في عددها فقيل : سبعة . وقيل : ثمانية . وقيل : عشرة . وقيل:اثنا عشر وقيل: ستة
عشر وقيل غيره ونظمهم بعضهم في قوله :
خذ نظم آداب تضوع نشرها ****
فطوي شذا المنثور حين يضوع
لغة وصرف واشتقاق نحوها ****
علم المعاني بالبيـان بديــع
وعروض قافية وإنشا نظمها ****
فكتابة التاريـخ ليس يضيــع
نبذة عن علم أصول النحو ومن ألف فيه :
هو
علم من علوم العربية كما نص علي ذلك ابن الأنباري([6]) في "نزهة الألباء" وصرح أنه واضعه
والأولى منه بذلك ابن جني ([7]) فقد ألف وبوب في كتابه " الخصائص "
ما يخلب اللب ويشفي الغل ويشرح الصدر مما يعيي
من أتي بعده وكذلك ألف السيوطي فيه" الاقتراح " الذي شرحه ابن
علان وأبو الطيب الفاسي في فيض الانشراح فأجاد أحسن الإجادة غير أنه قدم بمزاج
صوفي([8]) -غفر الله له- وكذا شرح في "الإصباح"
وهو جيد وألف ابن الأنباري في علم الأصول النحوي "لمع الأدلة" وهو مما لم ير مثاله وقد رتبه ثلاثين فصلاً([9]) وصنف في علم الجدل النحوي ما سماه "
الإغراب في جدل الإعراب " في اثني
عشر فصلاً([10]) سنأتي عليها في مقدمتنا هذه .
فهذه -بحمد الله- مقدمة
جامعة أتت علي جميع أبواب العلم وكلياته
بشرح ميسر يفهمه كل أحد إن شاء الله .
وفي
معناه نقول : أصول النحو هي القواعد الكلية والأدلة الإجمالية التي تنضبط بها
الأمثلة الجزئية ويتعلق بالبحث في تلك الأدلة وكيفها وحال المستدل بها بما سيندرج
بعد .
تعريف العلم :
نص:علم يبحث في الأدلة
الإجمالية من حيث كونها أدلة للنحو وحال
المستدل بها وكيفية استدلاله .
شرح : أي أن أصول النحو كأصول الفقه قواعد كلية ضابطة
للأمثلة الجزئية وهو علم ليس بجهل أي مقطوع به مجزوم بصحته في الذهن كاعتقادنا أن
"مسلم " مسند إلي " زيد " في قولنا " زيد مسلم "
فعلاقة الإسناد علاقة ذهنية أو مجزوم بصحته في الخارج كالجزم بأن العرب ترفع
المبتدأ لتواتر السمع بذلك فالعرب لم تدع مبتدأ قط بلا رفع فكل مبتدأ مسموع عن
العرب مرفوع .
ومن
حيث كونه علماً له أدلة فكل علم له أدلة وهي كلية احترازاً عن الجزئية أو
التفصيلية مثل البحث في مسألة جواز مجئ
الحال معرفة فهذه وظيفة علم النحو وليس أصول النحو .
ومثل
ابن الطيب الفاسي في الفيض بكون القرءان حجة لقول الماتن (الأدلة الإجمالية)
ففارقه الصواب علي تضلعه وألمعيته .
وكذلك
حال المستدل وشروطه كشروط المجتهد في الفقه وكيفية استدلاله أي من جهة صلاح
الاستدالال أو فساده .
أدلة العلم :
نص :
قال
ابن جني : أصول النحو ثلاثة :السماع والإجماع والقياس . وقال ابن الأنباري : ثلاثة
: السماع والقياس والاستصحاب .
شرح :
الإجماع:
اتفاق أهل القرن من علماء الفن علي قاعدة
معينة مع عدم المخالف .
القياس
: حمل غير المنقول علي المنقول إذا اتفقا في المعني ...كما سيأتي .
ودون
ذلك في الاحتجاج الاستصحاب والاستحسان لعدم الدليل غالبا فيهم خلافاً للثلاثة
المذكورة قبل .
الأحكام النحوية :
نص:
الوجوب
والمنع والحسن والقبح وخلاف الأولي والجواز .
شرح :
الوجوب
: وهو الإلزام مثل رفع الفاعل فهو واجب لازم .
المنع :
وهو الحظر كتقديم الخبر علي المبتدأ بلا سبب .
الحسن
: كرفع المضارع الواقع جزاء بعد شرط ماض كقولك " إن استقمت تنالُ الخير
والرشد ".
القبح :
كرفعه بعد شرط المضارع كقولك " إن تستقم تنال الخير والرشد ".
خلاف
الأولي : كتقديم الفاعل في قوله " ضرب غلامه زيداً " ونحوه .
الجواز
: كحذف الخبر عند عدم المقتضي للذكر وعدم المانع منه كقوله تعالي :" أكلها
دائم وظلها ".
الدلالات النحوية :
معني الدلالة : هي فهم أمر من أمر .
نص
:
ثلاث
: لفظية وصناعية ومعنوية .
شرح :
· اللفظية : وهي دلالة
التضمن كدلالة الفعل علي الحدث مثل "
ذهب " تدل بلفظها علي الذهاب .
· الصناعية : وهي دلالة
الهيئة التي صيغ من أجلها اللفظ كدلالة الفعل علي زمنه مثل " ذهب " تدل
علي ذهاب في الماضي .
· المعنوية : وهي دلالة
اللزوم كدلالة الفعل علي الفاعل فلكل فعل فاعل فليلزم من وجود الفعل وجود فاعل
له مثل " ذهب " تدل باللزوم علي
ذاهب .
ولتميم
الفائدة من استقرائنا بعض الدلالات علي المعني وجزئه :
· دلالة الحرف علي جزء
معني الفعل :وهو أقسام منها : دلالة الهمزة في ما كان علي وزن " أفعل "
.
ودلالة
السين علي الصوت الخفي في نحو " وسوس " و" اختلس " ودلالة
الشين علي الشين في نحو " شيطان " و"شيعة" كما نقل الجاحظ ,
ودلالة المد في السماء علي السعة والاتساع ونحوها.
· دلالة الأحرف علي جزء
معني الفعل : كدلالة " الألف والسن
والتاء " علي جزء معني ما جاء علي وزن " استفعل " .
· دلالة تركيب المصادر:
كدلالة المصادر الجائية علي وزن الفعلان علي الحركة والاضطراب كالغليان والغثيان
وفيه لطيفة تكرار الحركات المشكولة المنطوقة علي الحركات المفعولة المحسوسة .
· دلالة التكرير : وهي
تفيد الزيادة في الفعل كما في " فرّح " أو القوة فيه كما في "
غلّق" .
· دلالة الخاصية : كدلالة
السين والصاد علي صوت ودلالة الخاء علي الرخاوة ومنها لطيفة دلالة الدال علي الطول
لطول نطقها كما في " القدّ " ودلالة الطاء علي العرض لاختصار النطق بها
كما في " القط " .
لطيفة خليلية :
قال الخليل : كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة فقالوا " صرّ " و في صوت
البازي تقطيعاً فقالوا : " صرصر " .
دلالة
المطابقة : هي دلالة اللفظ علي تمام المعني الموضوع له كدلالة الرجل علي الإنسان
الذكر .
دلالة
التضمن : هي دلالة اللفظ علي جزء مسماه كما تقدم .
دلالة
الالتزام : هي دلالة اللفظ علي خارج عن مسماه لازم له لزوماً ذهنياً أوخارجياً أو
كلاهما .
أدلة النحو :
الكتاب الأول:السماع:
نص :
كل
كلام ثيت عن محتج بكلامه .
شرح :
وهو أربعة أنواع :
الأول : القرءان ( القرآن ) وهو كلام الله تعالي
المنزل علي نبيه .
الثاني : هو كلام نبيه صلي الله عليه وسلم .
الثالث : هو كلام العرب قبل مبعث النبي صلي الله عليه وسلم .
الرابع : هو كلام العرب في
زمن النبي وبعده إلي زمن فساد الألسنة .
يصح الاحتجاج بكل ما قرئ به من متواتر أو آحاد
وإن خالفا القياس أو شاذ([15]) وإن خالف القياس علي الراجح .
ولا
يجوز الطعن في المتواتر والآحاد من الآي الثابتة بطريق صحيح أبداً كما طعن([16]) علي حمزة وعاصم وابن عامر بما رده أئمة
العربية كابن مالك وغيره .
الإحتجاج بالحديث النبوي:
نص
:
- ( يستدل بما ثبت من كلامه -صلي الله عليه
وسلم- بلفظه ) علي المشهور من كلامهم .
شرح:
أجمع
أهل الأصول علي جواز الاستدلال بما ثبت من كلامه لفظاً واختلفوا فيما ثبت بالمعني
علي قولين :
الأول :
عدم جواز الاحتجاج به وعليه الجمهور من المتقدمين كأبي عمرو وعيسي بن عمر والخليل وسيبويه
من البصريين وقال الخليل في الجمل <<33>>: " وبينا كل معني
في بابه باحتجاج من القرءان وشواهد الشعر فمن عرف هذه الوجوه بعد نظره لما صنفناه
في مختصر النحو استغني " .اهـ33>
قلت :
ولم يذكر أنه احتج بشئ من الحديث .
وقال ابن الضائع في شرح الجمل :" تجويز الرواية بالمعني هو
السبب عندي في ترك سيبويه وغيره الاستشهاد علي اللغة بالحديث ".
وكذا الكسائي والفراء
وعلي الأحمر وهشام الضرير من الكوفييين كما نقل أبو حيان في شرح التسهيل وهو
الراجح ( * ) لأمرين :
أحدهما
: أن الرواية بالمعني عند المحثين جائزة ودليله تعدد الألفاظ في حكاية حدث
واحد وأن
منهم _ نقلة الأخبار _الأعجمي والمولد وغير المتمكن .
الثاني
: أنه وقع اللحن في الحديث بل وألفت كتب في إصلاحه .
الآخر :
جواز ذلك وعليه ابن مالك والبلقيني والسيرافي والصفار وابن هشام وابن عصفور وابن خروف وغيرهم
.
قلت :
ومظنة الأحاديث اللفظية كتب الأحاديث القصار ككتاب درر البحار وغيره .
ومنهم
من قال : يستشهد بالحديث علي سبيل التبرك كابن خروف .
رأي المجمع اللغوي :
أنه
لا يحتج في العربية بحديث لا يوجد في الكتب المدونة في الصدر الأول كالكتب الستة
فما قبلها ويحتج بما في هذه الكتب علي سبعة أضرب :
·
الأول : الأحاديث المتواترة (1) .
·
الثاني : الأحاديث التي تستعمل ألفاظها في العبادات (2) .
·
الثالث : كتب النبي _ صلي الله عليه وسلم _(3).
·
الرابع : جوامع الكلم من قوله _ صلي الله عليه وسلم _(4) .
·
الخامس :الأحاديث المبينة أنه كان يخاطب كل قوم بلغتهم(5) .
·
السادس : الأحاديث المتعددة الطرق والمروية بلفظ واحد(6) .
· السابع : الأحاديث التي
عرف من حال رواتها أنهم لا يجيزون الرواية بالمعني كالقاسم بن محمد وابن سيرين (7).
قلت
: وليس ثمت معارضة في ذلك مع القاعدة الكبري المقررة من الاعتداد باللفظ النبوي , والمتأمل في الأحاديث المشروطة بما
تقرر يجدها أقل من القليل (*) .
ــــــــــــــــــــــــــ
(
* ) : هذا علي المشهور فليتنبه !
(1) المتواترة
لفظاً لا معني وهي التي نقلت بلفظ واحد من طريق جماعة يستحيل في العادة تواطؤهم
علي الكذب في كل طبقة .
(2) وفي هذا
تفصيل فأحاديث الاستفتاح والتشهد ونحوها في أعظم العبادات العملية مع كونها مختلفة
الألفاظ فعليه تكون القاعدة المطردة عندهم وهي الاحتجاج بلفظ النبي هي المحك
والقاسم .
(3)
ينطبق عليها ما انطبق علي التي قبلها .
(4)
نعمل فيه القاعدة المطردة مع اعتباره لقلة مبناه
.
(5) وهي قليلة
جداً كحديث أهل اليمن :" ليس من امبر
امصيام في امسفر "أي ليس من البر الصيام في السفر مع إبدال اللام ميماً في
" أل " .
(6)
وهي المعتمدة حقاً في بابها .
(7)
وهي كالتي قبلها لا سيما إن كان رواتها أئمة في العربية .
(*)
وقد حاولت طائفة من أهل العلم تسويغ الاحتجاج بالحديث
دون شروط فما أفلحت لكون صنيعهم – في رأيي _ جاء لرد حملة شعواء في إنكار السنة لا
للنظر في المسالة وتقديرها قدرها ولو كان ذلك لعلموا أن كلا الفريقين معظم للسنة لا سيما أن السنة المروية بالمعني حجة علي أصول
الشريعة وفروعها أما مقصود النحاة كون السنة المروية بالمعني غير محتج بها لأنها
شذت بعض ألفاظها عن جادة اللغة ولم يوجد من الكتاب ولا كلام العرب معضد لها مع
كونها دالة علي معني صحيح _ فهو قول صحيح إن شاء الله إذا أخذ في الاعتبار أن
الدليل النحوي لا يأخذ من نص واحد ولا من شاهد بمفرده بل لا بد من التعاضد بين
الشواهد ونحوه مما يعطي الاستدلال نوع قوة وعليه فلا فرق بين السنة وشعر العرب في
ذلك .
هذا غير أن كل حديث ثابت سالم من المعارضة الحديثية المضعفة مقبول عند
أهل اللغة كذلك كحجة حذوه حذو الدليل من قول العرب وهذا اختياري وإن كان ما في
الأصل مزبور علي المشهور إذ إنه شرطي في المقدمة .
ما يحتج به من كلام
العرب:
نص:
قسم
الأصوليون القبائل إلي ثلاث : عليا ووسطي وسفلي .
شرح:
العليا
: ما استدل بكلامهم واعتني به مطلقا واحتج
به في الغريب والتصريف والمعاني وهم قريش ثم قيس وأسد وتميم .
الوسطي
: استدل بكلامهم وهم دون العليا وهم : هذيل وبعض كنانة وبعض بني طئ وأضرابهم .
السفلي
: لم يعتن بالنقل عنهم ولا الاحتجاج بهم بل عد فاعل ذلك مغرباً وهم : الحضريون
وسكان البراري ممن تطرف إلي بلاد العجمة كلخم وجذام وقضاعة وغسان وتغلب ونمر وبكر
وعبد قيس وأزد عمان وأهل اليمن وبني حنيفة وسكان اليمامة .
نص :
وآخر الحجج إبراهيم بن هرمة من الشعراء واختلف
في الشافعي .
شرح :
نقل ثعلب
عن الأصمعي أنه قال : ختم الشعر بإبراهيم بن هرمة .
وقال
السيوطي في الاقتراح : ومما يعتمد عليه في ذلك مصنفات الإمام الشافعي(1) _رضي الله
عنه _ ونقل قول أحمد في ذلك بلفظ : كلام الشافعي في اللغة حجة .
قلت
: ونقل ذلك عن عبد الملك بن هشام وغير واحد من النحاة ولكن وفاة الشافعي متأخرة عن
إبراهيم بن هرمة فالأول يلي الثاني وفاة بتسعة وعشرين عاماً وختم بالثاني علي قول
الاصمعي الشعر ثم إنه علم بالطرق الصحيحة أن الأصمعي نقل عن الشافعي شعر الشنفري وهو حدث فلم لم يجعله حجة .
فإن
قيل : نقله عنه وهو حدث قبل وفاة ابن هرمة فالشافعي عنده حجة لسبقه ,قلنا : مات
الشافعي وله خمسة وخمسون عاماً بعد ابن هرمة بتسعة وعسرين عاماً فعلي أقرب تنزل
لكم لقي الأصمعي الشافعي وهو ابن عشرين وابن هرمة علي ذلك مات قبل .
ثم
قلت : ليس في كلام الأئمة تصريح بحجية الشافعي علي اللغة بل بالغ ما هنالك أنه حجة
كلامه فيها شأنه شان أئمة اللغة , ثم إن السيوطي شافعي !!.
وللزمخشري
وغيره قاعدة في الاحتجاج بأئمة اللغة من
المولدين وهي :" جعل ما يقوله بمنزلة ما يرويه " وفيها نظر وإلا لكان
كلام ابن هشام وأبي حيان والمتأخرين بمنزلة كلام النابغة وزهير فضلاً عن سيبويه
والخليل .
نص:
ولا
تشترط في المحتج بكلامه العدالة .
شرح :
قال
العز بن عبد السلام :"اعتمد في العربية علي أشعار العرب وهم كفار لبعد
التدليس فيها ".اهـ
قلت:
ولأن الكلام جرت به عادتهم فلا يدلسون لتعذر مخالفة العادة ولكن من صار من عقيدته
مخالفة أصول العرب الكلامية فلا يحتج بقوله فيما خالفه كالأخطل النصراني في كلامه
عن ما اختلط فيه أهل النصرانية من
ــــــــــــــــــــــــ
(1) مصنفات
الشافعي كثيرة ونافعة وطعن في بعضها واعتني بها فألف الزاهر في غريب لغة الشافعي
للأزهري أما شعره فلا يتميز عن غيره لسعة رواية الإمام فقد صحب هذيل سنسن عدداً
وروي عن ثلاثمائة شاعر مجنون كما روي البيهقي في المناقب وابن زولاق في كتاب
سيبويه المصري وغيرهما فشعره غذن غير متمايز لما سبق ولكون كثير التمثل بشعر غيره
ولأنه لفق له ما ليس من شعره واشتهر به كما نسب في ديوانه :
لا يكن ظنك إلا سيئاً ** إن سوء الظن من أقوي الفطن .. ونحوه.
.......................................................................................................
الضلال
كقولهم في الكلام وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
تباً
لمن نبذ القرآن وراءه ** وإذا استدل يقول قال الأخطل ( 1)
ــــــــــــــــــ
( 1 ) :
أحد أبيات التائية له – رحمه الله - .
نص :
جهالة
الراوي تضر إلا إذا كان معروفاً باقتصار
الراوي عنه علي رواية الثقات .
شرح:
قال السيوطي :" فقد وضع المولدون أشعاراً ودسوها علي الأئمة فاحتجوا بها ظناً منهم انها
للعرب ".
قلت:
أما من ثبت نقله واقتصاره علي الثقات فجهالتهم لا تضر كسيبويه في كتابه كثيراُ ما
يقول : أخبرني الثقة أو من لا أتهم ..ونحوه فالجهالة عنده لا تضر لأنه يروي عن
الثقات .
التفرد:
نص:
له أربعة عشر حالاً جمعها
السيوطي من كلام ابن جني في الخصائص وهي :
الأول
: ما لا نظير له في الألفاظ المسموعة مع إطباق العرب علي النطق به .
شرح:
وهذا
يقبل ويحتج به ويقاس عليه غيره إجماعاً لعدم وجود المخالف كقولهم في شنوءة : شنئي
.
الثاني
: الفرد من حيث قائله .
شرح:
وهذا
ينظر في حال قائله وكلامه في غير ما انفرد به فإن كان فصيحاً قبل تفرده وإلا فلا
وهذا اختيار شيخ الصناعة ابن جني وأعله بكون القول لغة مندرسة جددت أو لغة ظاهرة
لم يصلنا منها إلا ما تفرد به قائل
..ونحوه .
الثالث
:انفراد كلام بلا مخالف ولا موافق .
شرح :
قال
ابن جني بوجوب قبوله إذا جاء عن ثقة .
الرابع
: ما جاء منفرداً عن قبيلة وجاء غيره عن غيرها .
شرح:
يقبل
كعمل ما الحجازية وعدمه عند الحجازيين والتميميين وهذا إن كانت كلتا القبيلتين
معتداً بها أصلاً ويترجح القبول بتفاضل القبيلتين بما قسمناه فليتنبه !.
الخامس:تفرد
أحد من أهل الوبر أو المدر بكلام .
شرح :
إذا
كان فصيحاً قبل و إلا رد لفساد الألسنة .
السادس:
العمل أن ينظر في حال ما انتقلت إليه
ألسنة الرجال بلا احتمال لخلل ما لم يبن .
شرح:
قاعدة
جليلة لابن جني وهي بمعني قول الفقهاء " اليقين لا يزول بالشك " فمن
علمت فصاحته عن يقين لا يتصور بلسانه خلل حتي يبين .
السابع
: إذا اجتمع في كلام الفصيح أكثر من لغة .
شرح:
قبله
ابن جني وعلله ومثل له بقول أحدهم :
وأشرب
الماء ما بي نحوه عطش ** إلا لأن عيونه سيل واديها
ف"نحوه
" بإشباع و"عيونه " بإسكان .
وقال
السيوطي : حكي غيره في استعمال اللغتين المتداخلتين قولين :
أحدهما
: القبول مطلقاً .
الثاني
: الجواز مع اشتراط عدم استعمال لفظ مهمل .
قلت : ولم يمنعه أحد .
الثامن
:قول المولدين .
شرح
: أجمعوا علي ترك المولدين غير أئمة اللغة واختلفوا في الأئمة علي ما ذكرنا من
قاعدة الزمخشري والراجح عدم الاحتجاج لتفشي العجمة وكذا اللحن من عهد الصحب .
الحال
التاسع : لا يجوز الاحتجاج بما لا يعرف قائله .
شرح:
صرح
به ابن الأنباري في الإنصاف لعلة الخوف من كونه من مولد أو ممن لا تعلم فصاحته .
الحال
العاشر : إذا قال حدثني الثقة هل يقبل ؟؟
شرح
:
فيه
قولان في الفقه والأصول والراجح قبوله إذا جاء من راو إمام ولم يكن فرداً أو يخالف
.
الحال
الحادي عشر : الشاذ يطرح ولا يتأول .
وهو
اختيار ابن السراج في الأصول خلافاً للكوفيين .
الحال
الثاني عشر :التأويل لما خالف الجادة لا ما كان لغة .
شرح:
قاله
أبو حيان ومعناه أنه إذا كانت ثمت لغة طائفة محتج بقولها تخالف غيرها بلغة لا
تتكلم إلا بها فلا يجوز تأويل
لغتها إنما التأويل للفرد أو الشاذ مخالف الجادة .
الحال
الثالث عشر : الاحتمال يسقط الاستدلال .
شرح
:
قال
أبو حيان : إذا دخل الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال .
قلت
: فمن تأول في كلام تأويلاً بعيداً مع احتمال مخالف بطل الاستدلال علي ما تأوله .
قال
السيوطي : ورد به علي كثير من مسائل ابن مالك كمسألة القصر في قول الشاعر :
أخاك
الذي إن تدعه لملمة **...............................البيت
فقد
يكون ثمت فعل مقدر ناصب .
الحال
الرابع عشر : الشاهد إذا تعددت روايته .
شرح:
إذا صحت رواية الشاهد من عدة أوجه صح الاحتجاج بكل وجه
وهو اختيار ابن هشام في المغني والسيوطي في الاقتراح.
[1] - مقدمة : بالفتح أو الضم
للدال مع ضم الميم في الحالين وهي البادئة وما يتقدم الشئ واصطلح علي أنها مختصر
في الفن .
[3] - هو علم مستقل بنفسه للنحو كأصول الفقه للفقه .
[4] - ولابد للمبتدئ في دراسته أن يكون قد أنهي دراسة
النحو ليفهم أمثلته .
[5] - أول من أطلق عبارة فقه اللغة هو أحمد بن فارس (
ت . 395 هـ ) في كتابه " الصاحبي
" وتلاه أبو منصور الثعالبي في كتابه " فقه اللغة " وعنيا بذلك
أصول النحو وغيره فليتنبه !! وقد فعل ذلك من قبل عبد الله بن سليمان العتيق في
كتابه " النحو إلي أصول النحو " ولكنه لم يحرر ولم ينتقد بل فرع وقسم
نقلاً عن المصنف بل وأساء في مواضع .
[6] - هو أبو البركات كمال الدين عبد الرحمن بن محمد
بن عبيد الله بن أبي سعيد الأنباري ولد سنة 513هـ في الأنبار وتوفي ببغداد سنة
577هـ .
[7] -هو أبو الفتح عثمان بن
جني إمام الصناعة والسابق بالبراعة المولود عام 320هـ والمتوفي عام 392هـ صاحب
الخصائص وكان معتزلياً .
[8] - حيث إنه قال – غفر الله له – (ص.167) :"
ونشهد أن محمداً عبده المقرب أوسط واسطة بجاهه البسيط كل وسيط يتقرب ...ثم ذكر
الصحب فقال :" فلا تري منهم إلا أوتاراً أوتاداً وأقطاباً ...". اهـ
والله المستعان .
وقال عند كلامه عن المصنف السيوطي (ص. 172) :" وترجمه
تلميذه سيدي عبد الوهاب الشعراني ...".اهـ
وعبد الوهاب هذا هو صاحب الطبقات المشهورة والتي حوت من
الشذوذ العقدي والجنسي !! بين من ترجم لهم من الأولياء بزعمه ما لا يحصيه مصنفي
هذا ولا أكبر منه !! هذا مع كونه جاهلاً بصناعة النحو ودليل هذا كتابه المسمي
بـ" اللباب " واخبر تقله !!
[9] - وهي الأول : في معني أصول النحو وفائدته . الثاني :
في أقسام أدلة النحو . الثالث : في النقل .
الرابع : في أقسام النقل . الخامس : في شرط نقل التواتر .
السادس : في شرط نقل الآحاد .
السابع : في قبول نقل أهل الأهواء . الثامن : في قبول
المرسل والمجهول . التاسع : في جواز الإجازة . العاشر : في القياس .الحادي عشر :
في تركيب القياس . الثاني عشر: في الرد علي من أنكر القياس . الثالث عشر : في حل
شبه تورد علي القياس . الرابع عشر : في أقسام القياس . الخامس عشر : في قياس الطرد
. السادس عشر : في كون الطرد شرطاً في العلة . السابع عشر : في كون العكس شرطاً في
العلة . الثامن عشر : في جواز تعليل الحكم بعلتين فصاعداً . التاسع عشر : في إثبات
الحكم في محل النقل يثبت بالنقل أم بالقياس ؟.
العشـرون : في العلة القاصرة . الحـادي والعشرون : في إبراز
الإخالة والمناسبة عند المطالبة .
الثـاني والعشرون:
في الأصل الذي يرد إليه الفرع إذا كان مختلفاً فيه . الثـالث والعشرون : في إلحاق
الوصف بالعلة مع عدم الإخالة . الرابـع والعشرون : في ذكر ما يلحق بالقياس وما
يتفرع عليه من وجوه الاستدلال .
الخـامس عشر : في الاستحسان . السـادس والعشرون : في
المعارضة .
السـابع والعشرون : في معارضة النقل بالنقل . الثامن
والعشرون : في معارضة القياس بالقياس .
التـاسع والعشرون :
في استصحاب الحال .
الثلاثون : في الاستدلال بعدم الدليل في الشئ علي نفيه .
[10] - وهي :_
الأول : في السؤال
. الثاني : في وصف السؤال . الثالث : في وصف المسؤول به .
الرابع : في وصف
المسؤول منه . الخامس : في وصف المسؤول عنه. السادس: في الجواب .
السـابع : في
الاستدلال . الثـامن : في الاعتراض علي الاستدلال بالنقل .
التـاسع : في الاعتراض علي الاستدلال بالقياس . العاشر : في
الاعتراض علي الاستدلال
باستصحاب الحال .
الحـادي عشر : في ترتيب الأسئلة . الثـاني عشر : في ترجيح الأدلة .
[11] - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاقتضاء <
ص. 271وما بعدها> :" واسم العرب كان اسماً لقوم جمعوا ثلاثة أوصاف : أحدها
: أن لسانهم كان اللغة العربية . الثاني : أنهم كانوا من أولاد العرب . الثالث :
أن مساكنهم كانت أرض العرب التي هي تلي القلزم إلي بحر البصرة ومن أقصي حجر باليمن
إلي أوائل الشام بحيث تدخل اليمن في دارهم ولا تدخل فيها الشام وفي هذه الأرض كانت
العرب حين المبعث وقبله فلما جاء الإسلام وفتحت الأمصار سكنوا هذه البلاد ... ثم
انقسمت هذه البلاد قسمين : منها : ما غلب علي أهله لسان العرب حتي لا يعرف عامتهم
غيره أو يعرفونه وغيره مع ما دخل في لسان العرب من اللحن وهذه غالب مساكن الشام
والعراق ومصر والأندلس ونحو ذلك وأظن أرض فارس وخراسان كانت هكذا قديماً .
ومنها
: ما العجمية كثيرة فيهم أو غالبة عليهم كبلاد الترك وخراسان وأرمينية وأذربيجان
ونحو ذلك .
فهذه
البقاع انقسمت : إلي ما هو عربي ابتداء وإلي ما هو عربي انتقالاً وإلي ما هو عجمي
وكذلك الانساب انقسمت ثلاثة أقسام : قوم من نسل العرب وهم باقون علي العربية
لساناً وداراً أو لساناً لا داراً أو داراً لا لساناً .
وقوم
من نسل العرب بل من نسل بني هاشم صارت العجمية لسانهم ودارهم أو أحدهما وقوم
مجهولو الأصل لا يدري أمن نسل العرب هم أم من نسل العجم ؟ وهم أكثر الناس اليوم
سواء كانوا عرب الدار واللسان او عجماً في أحدهما .
وكذلك انقسموا في
اللسان ثلاثة أقسام : قوم يتكلمون العربية لفظاً ونغمة . وقوم يتكلمون بها لفظاً
لا نغمة وهم المتعربون الذين ما تعلموا العربية ابتداء من العرب وإنما اعتادوا غيرها
ثم تعلموها كغالب أهل العلم ممن تعلم العربية وقوم لا يتكلمون بها إلا قليلاً .
وهذان القسمان منهم من تغلب عليه العربية ومنهم من تغلب عليه العجمية ومنهم من قد
يتكافأ في حقه الأمران : إما قدرة أو عادة فإذا كانت العربية قد انقسمت نسباً
ولساناً وداراً فإن الأحكام تختلف باختلاف هذه الأقسام خصوصاً النسب واللسان .
[12] - لأنهم عرفوا المفرد فقالوا : ما لا يدل جزؤه علي جزء معناه . فالمركب يدل
جزؤه علي جزء معناه سواء كان إضافياً ك" بيت الله " أو مزجياً ك"
حضر موت " أو إسنادياً نحو" قام زيد " .
فكل ما
وافق وجه نحو *** وكان في الرسم احتمالاً يحوي
وصح إسناداً هو القرآن *** فتلك الثلاثة هي
الأركان
فكل ما وافق وجهاً
نحوياً وصح سنده إلي النبي واحتمل رسماً لأحد المصاحف العثمانية أو وافقه فهو
قراءة صحيحة لا يجوز ردها بحال سواء كان عن الأئمة السبعة أو العشرة أو غيرهم من
الأئمة المقبولين صرح بذلك المهدوي والداني وأبو شامة ومكي بلا خلاف معروف في ذلك
عن أحد من السلف .
والمشهور
: ما صح سنده ولم يبلغ درجة التواتر ووافق العربية والرسم وتلقاه القراء بالقبول
ولم يعدوه من الغلط واشتهر عندهم .
الآحاد
: وهو ما صح سنده وخالف الرسم أو العربية أو كلاهما ولم يشتهر .
والشاذ : ما لم يصح
سنده وهو حجة عند النحويين بالإجماع كما نقله السيوطي.
[16] - كما طعن المبرد الذي قال في قوله
تعالي (( وإنا كلاً لما ليوفينهم ربك أعمالهم )) قال : هذا لحن , لا تقول العرب :
( إن زيداً لما خارج ) وهو من المتقدمين وغيره وأكثر الزمخشري من ذلك .
ما شاء الله، تبارك الرّحمان، بارك الله فيكم، أشفيتُم غليلي...
ردحذف