·
الكتاب الرابع : الاستصحاب
معناه
:
قال
ابن الأنباري : هو إبقاء حال اللفظ علي ما يستحقه في الأصل عند عدم دليل النقل عن
الأصل .
قلت
: الأولي أن يقال عند عدم الدليل الناقل عن الأصل لان البصريين قالوا بعدم جواز
الجر بحرف محذوف بلا عوض للإجماع عليه وليس للنقل .
مثاله
:
استصحاب
حال الأصل في الأسماء بالإعراب حتي يوجد دليل علي البناء واستصحاب حال البناء في
الأفعال حتي يوجد دليل علي الإعراب فيها والذي هو خلاف الأصل .
وقال
السيوطي : والمسائل التي استدل بها النحاة بالأصل كثيرة جداً لا تحصي .
وقال
ابن الأنباري في الأصول : استصحاب الحال من أضعف الأدلة , ولهذا لا يجوز التمسك به
ما وجد دليل .
شرطه
:
_
ألا يكون ثمت دليل ناقل عن الأصل .
·
الكتاب الخامس : في أدلة شتي :
الاستدلال بالعكس:
وهو ثبوت عكس الحكم علي عكس ما ثبت له الحكم .
مثاله :
ثبوت الجزم للمضارع المسبوق باداة جزم وعدمه في عكسه غير المسبوق .
الاستدلال ببيان العلة :
قال ابن الأنباري : وهو ضربان :
أحدهما
: أن يبين علة الحكم ويستدل بوجودها عند
الخلاف علي وجوده .
الثاني
: أن يبين العلة ويستدل بعدمها في موضع الخلاف علي عدم الحكم .
الاستدلال بعدم الدليل في الشئ علي نفيه :
قال ابن الأنباري : وهذا يكون فيما إن ثبت لم
يخف دليله فتستدل بعد الدليل علي نفيه .
مثاله :
من زعم أن الكلمات أربعة , قلنا له : لو كانت كذلك لكان ثمت دليل عليه لكثرة الفحص
وشدة البحث , فلما لم يعرف ذلك دل علي عدم الدليل ومنه بطل الزعم .
الاستدلال بالأصول :
قال ابن الأنباري : كأنه يستدل علي إبطال رفع
المضارع لتجرده من الناصب والجازم بأن ذلك يؤدي إلي خلاف الأصول لأن الرفع مقدم
علي النصب والجزم فالتجرد من علل النصب والجزم موجب للرفع وهو الأصل في المضارع.
الاستدلال بعدم النظير :
شرطه :
يدل علي النفي لا علي الإثبات كما حكي ابن جني
.
مثاله :
رد المازني أبي عثمان علي من قال : إن السين
وسوف يرفعان الفعل المضارع بأنه لم ير عامل للفعل تدخل عليه اللام مثل سوف في قوله
" ولسوف يعطيك ربك فترضي " فعد النظير هو وجه الاستدلال .
قلت
: وليس كذلك إذ إنه لا عامل لرفع المضارع غير التجرد وهو عامل عدمي فلا يتصور دخول
اللام عليه وقياس الرفع علي النصب في المضارع غير وارد .
الاستحسان :
قال ابن جني : دلالته ضعيفة غير مستحكمة إلا أن
فيه ضرباً من الاتساع والتصرف .
وقال
ابن الأنباري : اختلفوا في الأخذ بالاستحسان ؟؟
فقال
قوم : إنه غير ماخوذ به لما فيه من التحكم وترك القياس.
وقال
آخرون : إنه مأخوذ به .
معناه
: قيل : هو ترك قياس الأصول لعلة .
وقيل
: هو تخصيص العلة .
الأولي
أن يقال : هو استحسان ما لم ينقل لعلة كتخفيف وتوسعة ونحوهما من غير مخالفة دليل .
مثاله
: ما ذكره صاحب البديع : إذا اجتمع التعريف العلمي والتأنيث السماعي أو العجمة في
ثلاثي ساكن الوسط كهند ونوح فالقياس منع الصرف ولاستحسان الصرف لخفته .
الاستقراء :
ومنه أن الكلمات ثلاث الاسم والفعل والحرف .
الباقي :
كقولنا بعد دخول الإعراب رفعاً أو نصباً أو جراً
علي الفعل لكون الأصل البناء ثم دل دليل علي دخول الرفع والنصب فبقي الجر علي أصله
لعد الدليل .
الكتاب السادس : التعارض والترجيح :
قال
ابن الأنباري : إذا تعارض نقلان أخذ بأرجحهما .
والترجيح
يكون في شيئين : في الإسناد والمتن .
فأما
الترجيح في الإسناد :
فيقدم ما تواتر علي غيره وما كان رواته أكثر علي
ما كان رواته أقل ويقدم خبر الأحفظ والأعلم علي من كان أقل حفظاً وعلما ويقدم
المسند علي المرسل والمنقطع ويقدم المعلوم علي المجهول ويقدم خبر الجادة علي الخبر
الشاذ .
الترتيب
:
المتواتر
ثم الآحاد ثم المرسل ثم المنقطع ثم المجهول ...
.
الترجيح في المتن :
يقدم
ما كان علي وفق القياس علي ما كان علي خلافه وارتكاب لغة ضعيفة مقدم علي الشاذ ويقدم
القياس الراجح علي المرجوح ويقدم السماع علي القياس ويقدم كثير الاستعمال علي قوي
القياس ويقدم الأصل علي الغالب وكذا علي الطارئ ويقدم المانع علي المقتضي ويقدم
المعلل علي المرسل بلا علة ويقدم المعلل علي المستحسن ويقدم الخفيف علي المستثقل
والنقل سابق ويليه القياس فالإجماع ثم الاستصحاب ثم الاستحسان .
وقياس
البصريين أقوي من قياس الكوفيين وروايتهم أضيق من روايتهم .
مسألة
:
اللغات
كلها حجة وكل ما كان لغة قيس عليه .
الكتاب السابع : في أحوال هذا العلم ومستنبطه ومستخرجه :
واضعه :
هو علي بن أبي طالب _ رضي الله عنه _ وقد ضع باب
الإمالة والإضافة و" إن " كما نقل الرازي في المحرر بل حكي أنه صنف كما
في معجم الأدباء.
ثم
صنف أبو الأسود في النعت والعطف والتعجب والاستفهام .
واتفقوا
أن أول من صنف في التصريف معاذ الهراء .
وخلف
أبو الأسود خمسة : عنبسة الفيل وميمون
الأقرن ويحيي بن يعمر وعطاء وأبا حرب ابنيه .
ثم
خلف هؤلاء عبد الله بن أبي إسحاق وعيسي بن عمر وأبا عمر بن العلاء .
ومن
بعدهم الخليل وعليه تخرج سيبويه غمام الصناعة .
ومن
الكوفيين الكسائي الذي تقدم أبا عمرو بن العلاء ولكن فسد علمه لاختلاطه بأعراب
الأبلة فقرأ الكتاب علي الأخفش وعليه تخرج الفراء وانقسم الناس بصرياً وكوفياً .
وأئمة
البصرة ثلاثة : أبو عمرو ويونس بن حبيب
وأبو زيد وهو أوثقهم سماعاً .
طريقة ابن مالك :
نحا
نحواً بين البصريين والكوفيين تحاشي فيها شذوذ الكوفيين وتاويل البصرييين وهي
طريقة المحقق كما وصفها ابن هشام الأنصاري – رحمه الله تعالي – ( ت . 761هـ ) ولكن انتقد عليه أخذه بالحديث مطلقاً .
قلت
: وساد أهل الفن أبو عمرو والخليل وسيبويه وابن مالك وابن هشام .
الكتاب الثامن : العجمة :
قال أبو حيان : العجمي هو كل ما نقل إلي العربي
من لسان غيره .
وقال
الخضراوي : العجمي هو كل ما ليس عربياً .
قلت
: وقول الخضراوي أدق من قول أبي حيان ففي القرآن مما أصله منقول من غير لسان العرب
ويقال له عربي إذ نطقته العرب واستساغته من نحو سندس وفردوس ...وقال تعالي ( قرآن
عربي غير ذي عوج ) وقال : ( إنا أنزلناه قرآناً عربياً ) فليتنبه !!
معرفة العجمة : وتكون بوجوه :
·
الأول : نقل أحد أئمة العربية للعجمة .
·
الثاني : خروجه عن أوزان الأسماء العربية نحو إبرسيم
.
·
الثالث _1_ : ما اجتمعت فيه حروف لا تجتمع في الأسماء
العربية
_* كالنون والراء في أوله ك" نرجس "وذلك عند كونهما أصليين لا زائدين .
_* واجتماع الهمزة والسين في أوله والذال في آخره كـ"
أستاذ" قاله غير واحد .
_* و الزاي والدال في
آخره كـ"مهندز".
_* والصاد والجيم
كالصولجان .
_* و الجيم والقاف
كالمنجنيق .
· الرابع : أن يكون رباعياً أو خماسياً عارياً من أحد
حروف الذلاقة << مبل نفر >> نحو سفرجل أو جحمرش فإنه متي كان عربياً
فلابد أن يكون فيه شيء منها .
مسائل الحدود :
حد اللغة :
قال ابن جني في الخصائص : حد اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم ( 1 ) .
حد أصول النحو :
أدلة
النحو الإجمالية المأخوذة من نقل أو إجماع أو قياس أو نحوه .
حد النحو :
قال
الخضراوي : النحو علم بأقيسة تغير ذوات
الكلمات وأواخرها بالنسبة إلي لغة لسان العرب .
ــــــــــــــــــــ
(1
) : لا نعني بذلك أن الحروف والأصوات دليل علي الكلام
الذي هو في النفس كما قال الأشاعرة بل الكلام عين المنطوق وهو يعبر عما أصله في
القلب صادر عن قصد أو نية .
...................................................
واضع
اللغة ( * ) :
اختلف
فيه علي ثلاثة مذاهب ( ص ) :
·
الأول (1 ) : أنه الله تعالي واختلف علي هذا إلي
ثلاثة أقوال :
الأول
: أنها بوحيه سبحانه إلي نبي من أنبيائه .
الثاني
(2 ) : بخلق أصوات في بعض الأجسام تدل عليها وإسماعها لمن نقلها وعرفها .
الثالث
: بخلق العلم الضروري في بعض العباد بها .
قلت
: والصواب وحده هو الأول لدليل القرءان عليه لقوله تعالي :"وعلم آدم الأسماء
كلها " وهو قول أبي علي وابن جني وهما من المعتزلة .
·
الثاني : أنها من وضع البشر ثم قيل وضعها آدم .
وتأول
ابن جني الآية " وعلم آدم " بأنه أقدره علي وضعها ( 3 ) .
واختلف
أهل الرأي فيه علي أقوال منها :
_قيل
لعله كان يجتمع حكيمان أو أكثر فيحتاجون إلي ما يعبرون به عن علمهم فصار لكل منهم
لفظ يعرف به ( 4) .
_ أصل
اللغات كلها من المسموعات و المحسوسات كدوي الريح وخرير الماء ونحوه (5) واستحسن ذلك
القول ابن جني .
· الثالث ( 6 ) : الوقف لا يدري أهي من وضع الله أم من
وضع البشر لعدم الدليل القاطع وهو رأي ابن جني الأخير .
ـــــــــــــــــــ
( * ) : واضع اللغة أي كلماتها وهو غير واضع النحو أي أول من صنف فيه
فليتنبه !
(
ص ) : قال الشوكاني – رحمه الله تعالي - : اختلف في ذلك
علي أقوال :
الأول : أن الواضع هو الله سبحانه وإليه ذهب الأشعري وابن فورك .
الثاني : أن الواضع البشر وإليه ذهب أبو هاشم ومن تابعة من المعتزلة .
الثالث : أن ابتداء اللغة وقع بالتعليم من الله سبحانه والباقي
بالاصطلاح .
الرابع : أن ابتداء اللغة وقع بالاصطلاح والباقي توقيف وبه قال
الأستاذ أبو إسحاق وقيل إنه قال بالذي قبله .
الخامس : أن نفس الألفاظ دلت علي معانيها بنفسها وبه قال عباد بن
سليمان الصيرمي .
السادس : يجوز كل واحد من هذه الأقوال من غير جزم بأحدها وبه قال
الجمهور كما حكاه صاحب المحصول انتهي
كلامه من إرشاد الفحول .
ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية كونها إلهاماً من الله تعالي (مجموع الفتاوي
7 / 65-66 ) .
وقال ابن قدامة الحنبلي الفقيه الشهير : الأشبه أن تكون توقيفية.
وأصل المسألة هل اللغة توقيفية ام اصطلاحية ؟ قولان وبعضهم قال :
بعضها توقيفي وبعضها اصطلاحي ورابع : قال بالوقف ومنهم ابن الحاجب .
وقال بعضهم لا فائدة اصلاً من الخلاف في المسالة كالتاج السبكي في رفع
الحاجب وابن الأمير حاج و غيرهما .
والمسألة طويلة الذيل لا تستقصي في مثل هذه العجالة .
(1) : جاء
بتعليم الله آدم أسماء كل شيء أخبار صحاح عن ابن عمر وابن عباس والحسن وعكرمة
وسعيد وخلق كثير حتي قالوا : علمه الفسوة والفسية أي صغير الأشياء وكبيرها دقيقها
وجليلها .
(2) : وهو قول
المعتزلة أرادوا بذلك دخول كلام الله تعالي في الأصوات المخلوقة فقالوا كلم موسي
بخلق صوت في الشجرة وقال بعضهم : تكلمت الشجرة !! وقالوا : إنما كلم موسي الملك
وغير ذلك مما يوؤل إلي أن كلام الله مخلوق .
(3)
: هذا لكون معتزلياً
يري أن الله خالق أفعاله فما الله إلا مقوي العباد ومقدرهم علي خلق أفعالهم
فليتنبه !!
(4)
وهذا من التخيل والتوهم بمكان .
(5) حملهم علي
ذلك ما جربوه من مقاربة الأصوات لمسمياتها كالخرير والصرير ونحوه مما بينا بعضه .
(6) هذا معقول
ومقبول قبل ورود النص أما وقد تكلم الله في فصل المسألة فلا مقالة لقائل بعده .
........................................................................
هذا والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله
تمت الرسالة علي يد كاتبها أبي قتادة وليد بن حسني بن بدوي بن محمد الأموي السلفي
في الحادي عشر من جمادي الآخرة سنة ألف وأربعمائة وعشرين وتسع والعصمة لله ولكتابه
والعاقل من اغتفر خطأ أخيه في كثير صوابه والله خير مستعان .
(( تمت ))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق