التَّحْذِيرُ
مِـنْ قَصِـيدَةِ
(الشِّعْـرُ..
مَـعَ اللهِ وَالـذَّرَّةِ)
أَوْ
}نَشِيدُ بِكَ أَسْتَجِيرُ{
كَتَبَهُ
وَلِيدُ بنُ
حُسْنِي بنِ بَدَوِي بنِ مُحَمَّدٍ الأُمَويِّ
عَفَا اللهُ
عَنْهُ
مُقَدِمَةٌ
بسم
الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،أما
بعد:
فهذه
كلمات وجيزة في بيان الأخطاء العقدية والعلمية الواقعة في قصيدة (الشعر مع الله
والذرة)([1])
لإبراهيم علي بديوي([2])
، والتي يلقبها كثير من العامة ب(نشيد بك أستجير) ، والتي ذاعت وانتشرت ، وسمعها
العام والخاص ، بل وينشدها كثير من أئمة المساجد ، والمنتسبين للدعوة ! بنحو
التغبير الصوفي في نغمة جماعية تارة ، وتارة فردية .
والله
الهادي للرشاد.
·
فصل في قوله :
إني ضعيف
أستعين على قوى *** ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا
(قلت)
: في قوله (قواكا) نظر ، لأن لله تعالى قوة واحدة وليس قوتان كما زعمته بعض
الطوائف ولا قوى كما هو ظاهر قول الشاعر هنا .
وشبهة
بعضهم التي استخرجها من وقوله تعالى (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ)[الرعد:13]-باطلة
مردودة على قائلها .
والعلماء
في تفسير المحال على أربعة أقوال([3]):
أحدها
: أنه الأخذ ، قاله علي .
الثاني
: الحيلة : قاله قتادة . الثالث: الحول ، قاله ابن عباس. الرابع : القوة ، قاله
قتادة ، ومجاهد وابن زيد .
ولم
يقل أحد :إن المحال القوى ، وذلك لأن اللفظ مصدر مفرد وليس جمعًا أصلًا، ولذا لما
رجح ابن جرير أن ابن عباس وقتادة كانا يقرآن ( المحال) بفتح الميم قال([4]):" فأما
بكسر الميم، فلا تكون إلا مصدرًا، من"ماحلت فلانًا أماحله محالا"، و"المماحلة"
بعيدة المعنى من"الحيلة"اهـ
·
فصل في قوله :
دنياي غرتني
وعفوك غرني *** ما حيلتي في هذه أو ذاكا
(قلت):قوله
( وعفوك غرني ) فيه تقرير لتفسير جهلة الصوفية لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ
مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)[الانفطار:6]، فيقولون : غرنا عفوه وكرمه ، بل
ويقولون: إنه تبارك وتعالى لقن المذنب حجته!
وهذا
سوء ظن بالله ، وفهم خاطئ لمعنى الرجاء ، وتعد فاضح للأدب مع الله ، وجهل لائح
بحكمته في قدره وشرعه .
ولذا
قال قتادة رحمه الله([5])
: غر ابن آدم هذا العدو الشيطان .
وقال
عمر : غره الجهل ، وكذا قال ابن عمر.
وقال
ابن كثير([6])
:" قوله: { يَاأَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ }؟:هذا تهديد،
لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب؛ حيث قال: { الْكَرِيمِ } حتى يقول
قائلهم: غره كرمه. بل المعنى في هذه الآية: ما غرك يا ابن آدم بربك الكريم-أي: العظيم-حتى
أقدمت على معصيته، وقابلته بما لا يليق؟"اهـ
وقال([7])
:" قال البغوي([8]):
وقال بعض أهل الإشارة: إنما قال: {بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} دون سائر أسمائه وصفاته، كأنه
لقنه الإجابة .
وهذا
الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل؛ لأنه إنما أتى باسمه {الْكَرِيم}؛ لينبه على أنه
لا ينبغي أن يُقَابَل الكريم بالأفعال القبيحة، وأعمال السوء "اهـ
وقال
ابن القيم رحمه الله([9]):"...
وكاغترار بعض الجهال بقوله تعالى { يَاأَيُّهَا
الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ }،فيقول: كرمه! وقد يقول بعضهم: إنه لقن
المغتر حجته، وهذا جهل قبيح ،وإنما غره بربه الغرور، وهو الشيطان، ونفسه الأمارة بالسوء،
وجهله ،وهواه، وأتى سبحانه بلفظ الكريم وهو السيد العظيم المطاع الذي لاينبغي الاغترار
به، ولا إهمال حقه، فوضع هذا المغتر الغرور فى غير موضعه، واغتر بمن لاينبغي الاغترار
به"اهـ
فتبين
أن قوله(وعفوك غرني ) من الجهل القبيح ، والدعوى العريضة الفارغة:دعوى البطالين
والمستهزئين بجناب رب العالمين ، ولها في سوء الأدب مع الله تعالى ، والجهل بحكمته
-حظ وافر ، ونصيب غير منقوص.
وأما
قوله ( ما حيلتي في هذه أو ذاكا ) : يعني به ما حيلتي دنياي التي ذللت لي أن أعصيك
، وأقترف مناهيك ، وألا أراعي أمرك ونهيك ؟ وكذلك ما حيلتي في عفوك المسبغ وستورك
المرخاة ونعمك الجزيلة وآلائك الجسيمة العظيمة، التي أنستني بطشك، وحجبت عني
مشاهدة حكمتك في خلقك من بطشك بمن تولى عن سبيلك ، ورحمتك بمن أناب إلى هديك ،
وصدقك رسلك ؟!
وهذا
موهم بقول الجبرية خصماء الله تبارك وتعالى الذين يقول قائلهم:
دعاني وسد
الباب عني فهل إلى *** دخولي سبيل بينوا لي قضيتي
وقول
الآخر:
ألقاه في
اليم مكتوفًا وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء!
وقول
الثالث – وعلى الثلاثة غضب الله -:
وضعوا اللحم
للبزا *** ة على ذروتي عدن
ثم لاموا البزاة
*** إن خلعوا عنهم الرسن
لو أرادوا صيانتي***
ستروا وجهك الحسن
قال
ابن القيم([10])
:"ومن هؤلاء المغرورين من يتعلق بمسألة الجبر، وأن العبد لا فعل له البتة،
ولا اختيار، وإنما هو مجبور على فعل المعاصي"اهـ
·
فصل في قوله:
يا مدرك
الأبصار ، والأبصار لا *** تدري له ولكنهه إدراكا
أتراك عين ،
والعيون لها مدى *** ما جاوزته، ولا مدى لمداكا
إن لم تكن
عيني تراك فإنني *** في كل شيء أستبين علاكا
(قلت):
استفهامه – عفا الله عنه – في قوله (أتراك عينٌ) استفهام قبيح، فرؤية المؤمنين
لربهم بأعينهم التي في أم رؤوسهم من الحقائق الشرعية، والضروريات السلفية،ويتعذر
أن يجمع رجل -يستخرج عقيدته من كتاب الله و سنة رسوله وأقوال الصحابة والتابعين
-بين نفي الرؤية والإيمان بالكتاب والسنة.
ولذلك
أجمع أهل الحديث على أن الله يرى في الآخرة بالأبصار كما ترى الشمس صحوًا ليس
دونها سحاب أو القمر بدرًا لا يحجبه شيء ولا يضام مؤمن في رؤيته.
ولعل
الشاعر قصد أنه لا يرى في الدنيا كما عليه الإجماع ، ولكن ما حاجته لقول(والعيون
لها مدى ما جاوزته ولا مدى لمداكا) الذي يتضمن شبهة الجهمية الإناث أفراخ المعتزلة
الذين يزعمون أن الرؤية اتصال أشعة من العين بالمرئي ، وهذا في حق الله محال ،
فاضطرهم ذلك إلى تأويل الرؤية !
قال
الشهرستاني في نهاية الأقدام:"... وأما جواز الرؤية فالمسلك العقلي ما ذكرناه
وقد وردت عليه تلك الإشكالات ولم تسكن النفس في جوابها كل السكون ولا تحركت الأفكار
العقلية إلى التفصي عنها كل الحركة فالأولى بنا أن نجعل الجواز أيضاً مسئلة سمعية وأقوى
الأدلة السمعية فيها قصة موسى عليه السلام وذلك مما يعتمد كل الاعتماد عليه"اهـ
وقال الفخر
الرازي في مناظرة الماتريدية([11]):"كما
أنه يستبعد سماع كلام لا يكون حرفًا ولا صوتًا فكذلك يستبعد رؤية موجود لا يكون
جسمًا ولا حاصلًا في جهة معينة فإن كان هذا الاستبعاد معتبرًا فليكن معتبرًا في
الموضعين وحينئذ نلزمكم بامتناع رؤيته وإن كان باطلًا في الموضعين فحينئذ نلزمكم
أن تحكموا بأنه لا يمتنع سماع كلام لا يكون حرفًا ولا صوتًا "اهـ
(قلت): قال ذلك لأنهم
يقولون إن كلام الله لا يكون حرفًا ولا صوتًا ولذا لا يُسْمَعُ خلافًا للأشعري
الذي فارقهم في أنه يسمع ولو أنهم قالوا له هذا باطل في مذهبنا ! ونعتقد أن كلام
الله مع كونه ليس حرفًا ولا صوتًا لا يسمع ورؤيته مع كونه ليس جسمًا ولا متعينًا
في جهة لا تمكن لأفحموه ؛ إذ لا دليل عنده على إمكان ذلك عقلًا كما مر في كلام
صاحبه الشهرستاني.
ولذلك
الأشاعرة لهم في إثبات الرؤية مسلكان أحدهما : العجز عن إثباتها عقلًا فيكتفون
بالنصوص .
والآخر :
التأويل والتلبيس ، وهي طريقة الغزالي ولولا الإطالة لبيناها ورددنا على كلامه ،
ولذلك موضع.
· فصل
في قوله:
ونسيت حبي واعتزلت أحبتي *** ونسيت نفسي خوف أن أنساكا
(قلت):قوله(ونسيت نفسي خوف أن أنساكا) فيه
تناقض ، لأن الذي يفرغ نفسه لربه ، ذكره الله نفسه فقام بما يصلحها في الدنيا
والآخرة من خصال الخير والمنافع المباحة ؛ ولذا لا ينسى الله أحد نفسه إلا وقد
عصاه، ونسيه وخالفه .
قال ابن القيم رحمه الله([12]):" ومن عقوبات المعاصي أنها تستدعى نسيان الله لعبده
وتركه وتخليته بينه وبين نفسه وشيطانه ، وهنالك الهلاك الذي لا يرجي معه نجاة؛ قال
الله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ
لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا
كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[الحشر:18،19]،
فأمر بتقواه، ونهي أن يتشبه عباده المؤمنون بمن نسيه بترك تقواه، وأخبر أنه عاقب من
ترك التقوي بأن أنساه نفسه أي أنساه مصالحها، وما ينجيها من عذابه، وما يوجب له الحياة
الأبدية، وكمال لذتها وسرورها ونعيمها، فأنساه الله ذلك كله جزاء لما نسيه من عظمته
وخوفه والقيام بأمره فترى العاصى مهملًا لمصالح نفسه مضيعًا لها قد أغفل الله قلبه
عن ذكره، واتبع هواه، وكان أمره فرطًا، قد انفرطت عليه مصالح دنياه وآخرته، وقد فرط
في سعادته الأبدية، واستبدل بها أدني ما يكون من لذة"اهـ
· فصل في قوله:
أنا
كنت يا رب أسير غشاوة *** رانت على قلبي فضلَّ سناكا
(قلت): قوله (سناكا) يعني بها (نورك) المتضمن
لزامًا معنى (هداك) ، فيه تجوز؛ لأن السنا لفظ أعجمي كمال قال غير واحد من
المحققين؛ولذا قال ابن حجر العسقلاني في نظمه تكملة الألفاظ المعربة في القرآن([13]):
وهيت،
والسكر، الأواه، مع حصب *** وأوبي معه، والطاغوت، مسطور
صرهن،
إصري، وغيض الماء، مع وزر *** ثم الرقيم، مناص، والسنا النور
ولكن في مسائل ابن
الأزرق([15]) : أنه سأل ابن عباس : أخبرني عن قوله تعالى (يَكَادُ
سَنَا بَرْقِهِ)[النور:43] قال: السنا :الضوء .قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم ،أما
سمعت أبا سفيان بن الحارث يقول:
يدعو
إلى الحق لا يبغي به بدلا *** يجلو بضوء سناه داجي الظلم.
(قلت):وإضافة الشيء إلى
مرادفه جار على قواعد العربية وسليقة العرب،لا غرابة فيه.
فالحاصل أن في اللفظ
تجوزًا، والأولى ترك مثل ذلك ،والله أعلم.
فصل في قوله :
قل
للجنين يعيش معزولًا بلا *** راعٍ ومرعى : ما الذي يرعاكا؟
(قلت): استعمال(ما) في
ذلك الموضع وفي قوله:
بل
سائل اللبن المصفى كان بيــ***ــن دم وفرث : ما الذي صفاكا؟
وقوله أيضًا:
قل
للوليد بكى وأجهش بالبكا *** ء لدى الولادة : ما الذي أبكاكا؟
وقوله أيضًا:
وأسأل
شعاع الشمس وهي أبــ*** ــعد كل شيء :ما الذي أدناكا؟
كل ذلك موهم بأنه استفهام عن عاقل ونحوه وليس
استفهامًا عن حالة أو غير عاقل، وتلك الباقعة الكبرى والفاقرة العظمى في نحو قوله
( ما الذي أبكاكا؟) ، وعهدي بالعامة إذا سمعوا هذه الأبيات التي تضمنت الاستفهام
أنهم يجيبون في صوت واحد بقولهم :الله الله! وذلك لأن الذي يبكي الوليد لدى
الولادة هو نخس الشيطان إياه في خصره، ومصداق ذلك في ما حرره ابن كثير في تاريخه
فقال([16]):"وقولها: (وَإِنِّي أُعِيذُهَا
بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[آل عمران:36]،وقد استجيب لها في
هذا كما تقبل منها نذرها؛ فقال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري،
عن ابن المسيب، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" ما من مولود
إلا والشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخًا من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها"،
ثم يقول أبو هريرة: واقرؤا (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيمِ) أخرجاه من حديث عبدالرزاق، ورواه ابن جرير، عن أحمد بن الفرج، عن بقية
عن عبدالله بن الزبيدي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه
و سلم :بنحوه.
وقال أحمد –أيضًا-:حدثنا إسماعيل بن عمر، حدثنا
ابن أبي ذؤيب، عن عجلان مولى المشمعل، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال:" كل مولود من بني آدم يمسه الشيطان بأصبعه إلا مريم بنت عمران وابنها عيسى"
تفرد به من هذا الوجه.
ورواه مسلم
عن أبي الطاهر، عن ابن وهب، عن عمر بن الحارث، عن أبي يونس، عن أبي هريرة، عن النبي
صلى الله عليه و سلم: بنحوه. وقال أحمد: حدثنا هشيم، حدثنا حفص بن ميسرة، عن العلاء،
عن أبيه، عن أبي هريرة ،أن النبي صلى الله عليه و سلم، قال:"كل إنسان تلده أمه
يلكزه الشيطان في حضينه إلا ما كان من مريم وابنها. ألم تر إلى الصبي حين يسقط كيف
يصرخ؟! قالوا: بلى يا رسول الله. قال:" ذلك حين يلكزه الشيطان بحضينه".وهذا
على شرط مسلم، ولم يخرجه من هذا الوجه.
ورواه قيس، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"ما من مولود إلا وقد عصره الشيطان عصرة
أو عصرتين إلا عيسى بن مريم ومريم" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم: (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ
وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ). وكذا رواه محمد بن إسحق، عن يزيد بن
عبدالله بن قسيط، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و سلم بأصل الحديث. وقال الإمام
أحمد: حدثنا عبدالملك، حدثنا المغيرة- هو ابن عبدالله الحزامي-، عن أبي الزناد، عن
الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و سلم، قال:"كل بني آدم يطعن الشيطان
في جنبه حين يولد إلا عيسى بن مريم ذهب يطعن، فطعن في الحجاب". وهذا على شرط الصحيحين
ولم يخرجوه من هذا الوجه "اهـ
(قلت): وعلى هذا يكون
جواب قوله:
قل
للوليد بكى وأجهش بالبكا *** ء لدى الولادة : ما الذي أبكاكا؟
يكون الجواب : هو
الشيطان الذي أبكاه، بخلاف العامة الذين يلهجون عقب سماعهم البيت : الله الله !،
يقولون ذلك يتلقونه رطبًا من أفواه الجاهلين لا سيما مشايخ الفضائيات ، فالله
المستعان.
·
فصل في قوله:
هذي
عجائب طالما أخذت بها *** عيناك وانفتحت بها أذناكا
(قلت): والأولى أن يقول
(وانفتحت لها أذناكا).
·
فصل في قوله:
يا
أيها الإنسان:مهلًا ! ما الذي *** بالله جلَّ جلاله أغراكا
(قلت): أغريت فلانًا بالشيء جعلته يولع به ،
وفي "مختار الصحاح" قال([17]):" وأغْرَيْتُ الكلب بالصيد وأغريتُ بينهم
والاسم الغَرَاةُ و غَرِيَ به من باب صدِي أي أولع به والاسم الغَرَاءُ"اهـ
وفي اللسان([18]) :" غَرِيت به أَغْرى غَراءً وغَرِيَ به غَراةً
فهو غَرِيٌّ لَزِقَ به ولَزمه عن اللحياني وفي حديث جابر فَلمَّا رأَوه أَغْروا بي
تلك الساعة أَي لَجُّوا في مُطالَبتي وأَلَحُّوا"اهـ
وعلى ذلك فإن قوله
(بالله جل جلاله أغراكا) محتمل ولكنه خلاف المتبادر ولعله يريد ( غركا )
فألجأته ضرورة النظم إلى ذلك وإن كان من
يفهم عنه يفهم ما ذكرناه لا ما يقتضيه لفظه .
·
فصل في قوله:
وإذا
رأيت الليل يغشى داجيًا *** فاسأله : من يا ليل حاك دجاكا
وإذا
رأيت الصبح يسفر ضاحيًا *** فاسأله:من يا صبح صاغ ضحاكا
(قلت) : في قوله( حاك
دجاكا) وقوله( صاغ ضحاكا) تجوز من جهة نسبته إلى الله، فعجيب أن يخبر عن الله بأنه
يصوغ ! أو يحيك!، وهذا بخلاف أن يوصف الدجى بأنه يحاك ، أو أن يوصف الضحى بأنه
يحاك ، فهذا استمرأه أهل العصر ومن قبلهم من الأدباء والشعراء وغيرهم ولذا قال
بعضهم:
من
رام وصل الشمس حاك خيـ ***ـوطها سببًا إلى آماله وتعلقا
وقال أبو العلاء المعري:
تعالى
الذي صاغَ النّجومَ بقُدْرَةٍ *** عن القَولِ أضْحَى فاعلُ السّوءِ مجبِرَا
وهو القائل:
ولو
شاءَ مَن صاغَ النّجومَ بلُطفِهِ *** لَصاغَهُما كالمُشتري ودَعان
وفي كل ذلك تجوز وتعدٍ ،
وماذا عليهم لو تجنبوا مثل هذه الألفاظ المحتملة الموهمة في إخبارهم عن الله؟!
هذا، والله أعلم. وصلى
الله على نبينا ومولانا محمد وعلى ىله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
الفهرس الصفحة
التحذير من قصيدة الشعر
مع الله والذرة....................................1
مقدمة......................................................................2
فصل في قوله: ببعض
قواكا................................................3
فصل في قوله :وعفوك
غرني..............................................3
فصل في مسألة
الرؤية.....................................................5
فصل في قوله: ونسيت
نفسي...............................................7
فصل في مسألة
السنا.......................................................7
فصل في قوله:بها
أذناكا...................................................10
فصل في قوله:بالله قد
أغراكا..............................................11
فصل في الحياكة
والصياغة...............................................11
الفهرست.................................................................13
[1] - تجدها في كتاب ( أجمل مائة قصيدة في الشعر
العربي الحديث والمعاصر) لوحيد الدهشان وناصر صلاح :[ ص 8 – ص 12].
[2] - شاعر
مصري ولد سنة 1903 نصراني ، وتوفي سنة
1983 نصراني .
[3] - تفسير
الطبري ( 16 / 396 – 397 ) .
[4] - تفسير
الطبري ( 16 / 397 ) .
[5] - تفسير
الطبري (24 / 269 ) .
[6] - تفسير
ابن كثير ( 8 / 341 – 342 ).
[7] - تفسير
ابن كثير ( 8 / 342 ) .
[9] -
الجواب الكافي : ص 35 .
[10] - الجواب الكافي : ص 33 .
[11] - مناظرات ما وراء النهر : ص 53 ، دار المشرق.
[12] - الجواب الكافي : ص 47 .
[13] - فتح الباري ( 8 / 253 ) و الإتقان ( 1/ 408) .
[14] - الإتقان ( 1 / 401 ) .
[15] -
الإتقان ( 1/ 349).
[16] -
البداية والنهاية ( 2 / 57 ).
[17] - مختار الصحاح : ص 488 .
[18] - لسان
العرب (15 / 121 ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق